إن العمل العظيم الذي قال المسيح أنه جاء ليعمله قد أسند إلى أتباعه في الأرض. إن المسيح، بصفة كونه رأسنا، هو يقودنا في عمل الخلاص العظيم، و يأمرنا بأن نتبع مثاله. لقد سلمنا رسالة الحق، و هي رسالة مسكونية لا بد من إيصالها إلى كل الأمم و الألسنة و السعوب، إن سلطان إبليس وجب أن يقاوم و يهزم من قبل المسيح و أتباعه، فلزم لذلك إثارة حرب شاملة على قوات الظلمة، ولإنجاح هذا المسعة دعت الحاجة إلى المال. إن الله لا يرسل المال من السماء مباشرة، و لكنه يسلم لأيدي أتباعه وزنت من هذا المال ليستعملوها في معاضدة هذه المحاربة و تأييدها. SM 316.1
أعطى الله شعبه نظاماً لتوفير مبالغ تكفي لجعل هذا المسعى قائماً بنفقة نفسه. و تدبير الله في نظام العشور جميل في بساطته و مساواته. و بإمكان الكل أن يمارسوه في إيمان و شجاعة، لأن مصدره إلهي، و قد جمع بين البساطة و النفع، ولا يستلزم، لفهمه و تطبيقه، تعمقاً في العلم و المعرفة، و بإمكان الكل أن يشعروا أنهم، بالعمل به، يساهمون في تقدم عمل الخلاص الثمين. و يستطيع كل رجل و امرأة و حدث أن يصير خازناً للرب، و ربما وكيلاً يفي ما يرد على الخزنة من طلبات. يقول الرسول: “ليضع كل واحد منكم عنده. خازناً ما تيسر”. SM 316.2
إن أعمالاً جليلة تتم بفضل هذا النظام، فلو قبله الجميع لأصبح كل منهم خازناً لله ساهراً متيقظاً و أميناً، و لما اضطر العمل العظيم، عمل المناداة برسالة الإنذار الأخيرة للعالم، إلى معاناة نقص في المال اللازم للسير به قدماً. لو تبنى الجميع هذا النظام لامتلأت الخزنة من غير أن يفتقر المعطون، بل أن من شأن كل عطية يبذلونها أن تزيد من شدة ارتباطهم و تعلقهم برسالة الحق الحاضر، و يكونون “مدخرين لأنفسهم أساساً حسناً للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الأبدية” — (3 ه : 388 و 389). SM 316.3