بدأ الرب الوصية الرابعة بكلمة ” اذكر “. لقد علم الرب بأن الإنسان, وهو في زحمة مشاغل هذه الحياة وهمومها واضطراباتها, يكون معرضا لإعفاء نفسه من واجب الطاعة للناموس, أو نسيان أهميته المقدسة, ولذا قال : ” اذكر يوم السبت لتقدسه “ ( خروج 20 : 8 ). CCA 572.1
علينا أن نذكر السبت ونداوم على الإستعداد لحفظه حسب الوصية خلال أيام الإسبوع كلها, وألا نحفظه كمسألة قانونية شرعية, بل نفهم علاقته الروحية بشؤون الحياة. جميع الذين يعتبرون السبت علامة بينهم وبين الله, مظهرين أنه الإله الذي يقدسهم, سيمثلون مبادي حكمه, تعالى, ويعملون بحسب شرائع مملكته, ويطلبون إلى الله يوميا بالصلاة إلا يبرح تقديس السبت أذهانهم. ينعمون بصحبة المسيح كل يوم, ويمثلون كمال صفاته. ويضيء نورهم على الآخرين كل يوم في أعمال حسنة. CCA 572.2
إن الإنتصارات الأولى في كل ما يتعلق بنجاح عمل الله يجب إحرازها في الحياة العائلية, ففي البيت ينبغي أن يبدأ الإستعداد للسبت. وليذكر الوالدون خلال الإسبوع أن بيتهم يجب أن يكون مدرسة حيث يعد اولادهم للديار العليا. لتكن أقوالهم مستقيمة, ويجب ألا تخرج من أفواههم من الكلمات ما لا ينبغي لأولادهم سماعه, لتبق روحهم متحررة من التخيج. أيها الوالدون, أحيوا خلال الإسبوع كما في حضرة إله قدوس, الذي أعطاكم أولادا لتعدوهم له. دربوا له الكنيسة الصغيرة في بيوتكم, حتى يكونوا جميعهم مهيأين للعبادة في مقدس الرب. قدموا أولادكم لله صبحا ومساء, معتبرين أنهم ميراثه الذي اشتراه بدمه. علموهم أن محبتهم لله وخدمتهم إياه هما واجبهم الاسمعى وإمتيازهم الاسنى. CCA 572.3
إذا ذكرنا السبت على هذا النحو لا نعود نسمح للأمور الزمنية أن تطغى على الروحية, ولا نترك إلى السبت واجبا من واجبات أيام العمل الستة, ولا ننهك قوانا خلال الإسبوع بالاشغال الزمنية بحيث نكون في اليوم الذي فيه استراح الرب وانتعش غير قادرين على الإشتراك في خدمته لفرط الاعياء. CCA 573.1
لئن كان الإستعداد للسبت يجب القيام به خلال الإسبوع فإن يوم الجمعة يجب أن يكون يوم الإستعداد الخاص. لقد قال الرب لبني إسرائيل بفم موسى : ” غدا عطلة سبت مقدس للرب. اخبزوا ما تخبزون واطبخوا ما ما تطبخون. وكل ما فضل ضعوه عندكم ليحفظ إلى الغد “ و ” كان الشعب يطوفون ليلتقطوه ( المن ) يطحنونه بالرحى أو يدقونه في الهاون ويطبخونه في القدر ويعملونه ملات “ ( خروج 16 : 23 , عدد 11 : 8 ). كان ثمة شيء ليعمل في إعداد الخبز المرسل من السماء لبني إسرائيل. وقد أخبرهم الرب أن هذا العمل يجب القيام به في يوم الجمعة, يوم الأستعداد. CCA 573.2
ليكمل في يوم الجمعة الإستعداد للسبت, تأكدوا أن الملابس جاهزة كلها وأن كل طبخ قد تم. لتصبغ الأحذية وتؤخذ الحمامات, وهي أمور بإمكانكم القيام بها, ولا سيما حين تجعلونها قاعدة لكم في الحياة. يجب ألا يكرس السبت لإصلاح الثياب وطهو الطعام وطلب المسرات, أو لأي شأن دنيوي, بل قبل أن تغيب الشمس ليطرح جانبا كل همل زمني, وتخفي عن الأبصار كل صحيفة أو مجلة عالمية. وأنتم أيها الوالدون أوضحوا لأولادكم عملكم هذا والقصد منه, ودعوهم يشاركونكم في الإستعداد ليحفظ السبت حسب الوصية. CCA 573.3
ينبغي أن نحافظ على طرفي السيت بغيرة. واذكروا أن كل لحظة من لحظاته هي وقت مقدس. وينبغي لأرباب العمل أن يعطوا موظفيهم ساعات ما بعد ظهر الجمعة كلها, من الظهر حتى بدء السبت, كلما كان ذلك ممكنا. أتيحوا لهم وقتا للإستعداد حتى يمكنهم أن يستقبلوا يوم الرب براحة البال, ولن يصيبكم من جراء خسارة, حتى في الأمور الزمنية. CCA 574.1
هناك عمل آخر ينبغي أن نوليه اهتمامنا في يوم الإستعداد. ففي هذا اليوم يجب أن تسوى كل الخلافات بين الإخوة, سواء في البيت أو الكنيسة. لتطرد من النفس كل مرارة وغضب وحقد وخبث. وبروح متواضعة ” اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا ” ( يعقوب 5 : 16 ). CCA 574.2
لا شيء مما تعتبره السماء تدنيسا للسبت المقدس ينبغي أن يترك غير مقول أو معمول ليقال ويعمل في السبت. إن الله يطلب منا, لا أن نمتنع عن الأشغال الجسمانية في السبت فحسب, بل أن ندرب العقل على إطالة التأمل في المواضيع المقدسة. إننا نتعدى الوصية الرابعة فعلا بتككلمنا عن الأمور العالمية, أو بإنخراطنا في أحاديث فارغة عابثة. إن حديثنا عن أي شيء أو كل شيء يخطر على بالنا هو التكلم بكلامنا. وكل إنحراف عن الحق يأتي بنا إلى العبودية والدينونة. CCA 574.3
سلسلة روح النبوة — الربع الرابع, 1961 — الدرس الأول مأخوذة من كتاب ” ارشادات للكنيسة ” بقلم : الأخت ألن هوايت .طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 575.1