إن المجال الذي يكون فيه الإنسان في أشد حاجة إلى شركة أوثق مع المسيح إنما هو عمل الطبيب. والذي يريد أن يمارس واجبات الطبيب على وجهها الصحيح عليه أن يحيا الحياة المسيحية يوماً قيوماً وساعة فساعة. إن حياة المريض هي في يدي الطبيب. فلو أهمل في تشخيص حالة مريض مرة واحدة، أو قدم وصفة طبية مخطئة في حالة مرض خطرة أو تحركت يده حركة غير ماهرة في أثناء إجراء عملية حتى ولو قيد شعرة قسيس ضحى بحياة وينتهي أجل نفس ، فما أخطر هذه الفكرة وكم هو أمر هام جداً أن يكون الطبيب تحت سيطرة الطبيب الأعظم ! KS 63.2
إن المخلص على استعداد أن يعين كل من يدعونه في طلب الحكمة وصفاء الذهن. ومن ذا الذي يحتاج إلى الحكمة وصفاء الذهن أكثر مما يحتاج الطبيب الذي يتوقف على أحكامه وتقديراته الشيء الكثير؟ فعلى من يحاول إطالة عمر إنسان أن ينظر بإيمان إلى المسيح ليوجه كل حركة من حركاته. فالمخلص يعطره لباقة ومهارة وهو يعالج الحالات الصعبة. KS 63.3
إن الفرص المعطاة لمن يسهرون على المرضى مدهشة و عجيبة جداً، عليهم في كل ما يعمل لأجل استرداد صحة المريض أن يفهموا أن الطبيب يحاول ان يساعدهم حتى يتعاونوا مع الله في محاربة المرض : علموهم حتى يحسوا أنهم في كل خطوة يتخذونها بالاتفاق مع شرائع الله يمكنهم أن ينتظروا معونة القوة الإلهية. KS 63.4
إن المرضى والمتألمين يثقون ثقة أعظم بالطبيب الذي هم موقنون أنه يحب الله ويتقيه. وهم يعتمدون على كلامه. بل هم يحسون بالطمأنينة والأمان وهم في حضرة ذلك الطبيب وتحت إرشاداته وتدبيراته . KS 63.5
والطبيب المسيحي إذ يعرف الرب يسوع فإنه امتياز له أنه بالصلاة يلتمس حضوره إلى حجرة المريض. وقبل إجراء أية عملية خطرة ليسأل الطبيب معونة. الطبيب الأعظم. ليؤكد للمريض أن الله يستطيع أن يجعله يجوز في محنته بسلام، وأنه في كل أوقات الضيق هو الملجأ الأمين لجميع المتكلين عليه. والطبيب الذي لا يفعل هذا يخسر حالة بعد حالة كان في مقدوره ، لولا ذلك ، إنقاذها. فإذا أمكنه أن يتكلم الكلام الذي يلهم المريض الإيمان بالمخلص العطوف الذي يحس بكل وخزة من وخزات الألم، واستطاع أن يعرض حاجات النفس عليه في الصلاة ففي غالب الأحيان تمر الأزمة بسلام. KS 63.6
إن ذاك الذي يعرف خفيات القلب هو وحده يعلم مقدار الرعدة والخوف اللذين بهما يرضى كثيرون من المرضى أن تجرى لهم عملية على يد جراح. إنهم يكونوا متحققين من خطرهم. ولئن كانوا يتقون بمهارة الطبيب، يعلمون أنه ليس معصوما. ولكنهم إذ يرون الطبيب منحنيا يصلى طالبا من الله العون فذلك يلهمهم بالثقة. والشكر والثقة يفتحان القلب لقوة الله الشقية. ومن ثم تنتعش كل قوى الكيان وتقتصر قوى الحياة . KS 64.1
ثم إن حضور المخلص هو أيضاً عنصر من عناصر القوة للطبيب نفسه. في أحيان كثيرة تجلب تبعات واحتمالات عمله رعبا لروحه. إن اضطراب عدم اليقين والخوف قد يفقد اليد مهارتها. ولكن إيقان الطبيب من أن المشير الإلهي بجانبه ليرشده و يعضده ، يمنح الهدوء والشجاعة. إن لمسة المسيح على يد الطبيب تجلب الحيوية والراحة والاطمئنان والثقة والقوة. KS 64.2
بعد أن تمر الأزمة بسلام ويبدو النجاح ظاهراً ليقض الطبيب مع المريض لحظات قليلة في الصلاة ، عبر أيها الطبيب عن شكرك لأجل حفظ تلك الحياة. وإذ يقدم المريض كره الطبيب في وجه الحمد والشكر إلى الله. قل للمريض إن حياته قد حفظت لأنه كان تحت رعاية الطبيب السماوي وحفظه. KS 64.3
فالطبيب الذي مسير على هذا النهج إنما يرشد مريضه إلى ذلك الذي هو معتمد عليه لأجل الحياة والذي يستطيع أن يخلص إلى التمام كل الذين يقبلون إليه. KS 64.4