الفصل الخامس عشر — الكتاب المقدس و الثورة الفرنسية
ان الاصلاح اذ أهدى الناسَ كتابا مقدسا مفتوحا في القرن السادس عشر كان يحاول الدخول الى كل ممالك أوروب ا. وقد رحبت به بعض الدول بكل سرور على أنه رسول السماء، ولكن في بلدان أخرى أفلحت البابوية الى حد كبير في منع دخوله، وبذلك كادت أنوار معرفة كتاب الله تبعَد تماماً بتأثيراتها السامية . ومع أن النور وجد بابا مفتوحاً في فرنسا فان العقول المظلمة لم تدركه . وظل الحق والضلال يتصارعان على السيادة طوال قرون. وأخيرا انتصر الشر وأقصي حق ا لسماء بعيدا: ”هذه هي الدينونة أن النور قد جاء الى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور“ (يوحنا ٣ : ١٩). وقد تُركت الامة لتحصد ثمار المسلك الذي اختارته لنفسه ا. فرُفعت روادع روح الله عن ذلك الشعب الذي ازدرى بهبة نعمته. وسُمح للشر أن يتفاقم ويستشري . ورأى العالم كله عواقب الاصرار على رفض النور.GC 296.1
بلغت الحرب التي ثارت طوال قرون عدة ضد الكتاب المقدس في فرنسا غايتها القصوى في مشاهد الثورة . لقد كانت تلك الثورة الهائلة هي النتيجة الشرعية لكبت روما وكبحها ومصادرتها الكتب المقدسة، (انظر التذييل). فقدمت اعظم مثال مده ش رأه العالم لما آلت اليه السياسة البابوية، وأظهرت العواقب التي كان تعليم الكنيسة البابوية يؤدّي اليها في حقبة من الزمن تزيد عن ألف عام.GC 296.2
كان الأنبياء قد تنبأوا عن قمع الكتب المقدسة وكبتها في سني السيادة البابوية، كما أن الرائي يشير أيضا الى العواقب الهائلة التي كانت ستعصف بفرنسا على الخصوص نتيجة لسيادة ”انسان الخطيئة“.GC 297.1
قال ملاك الرب: ”سيدوسون المدينة المقدسة اثنين وأربعين شهرا. وسأعطي لشاهديَّ فيتنبآن الفا ومئتين وستين يوما لابسين مسوح ا... ومتى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربا ويغ لبهما ويقتلهما. وتكون جثتاهما على شارع المدينة العظيمة التي تدعى روحيا سدوم ومصر حيث صلب ربنا ايض ا... ويشمت بهما الساكنون على الارض ويتهللون ويرسولن هدايا بعضهم لبعض لان هذين النبيين كانا قد عذبا الساكنين على الأرض ثم بعد الثلاثة الايام والنصف دخل فيهما رو ح حياة من الله فوقفا على أرجلهما ووقع خوف عظيم على الذين كانوا ينظرونهما“ (رؤيا ١١ : ٢ — ١١).GC 297.2
ان الفترتين المذكورتين هنا — ”اثنين وأربعين شهرا“ ”وألف ومئتين وستين يوما“ هما شيء واحد وتمثلان كلتاهما الزمن الذي كانت كنيسة المسيح ستق اسي فيه الاضطهاد من روم ا. ان الاف والمئتين والستين سنة التي كانت فيها السيادة للبابوية بدأت في عام ٥٣٨ للميلاد، وكانت ستنتهي في عام ١٧٩٨، (انظر التذييل). ففي ذلك التاريخ دخل جيش فرنسي روما وأسر البابا الذي مات في منفاه . ومع أنه كان قد تم اختيار بابا جديد تو اً بعد ذلك فان السلطة البابوية لم تستطع قط منذ ذلك الوقت أن تستخدم القوة التي كانت لها من قبل.GC 297.3