Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents

الصراع العظيم

 - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    وجود الشياطين وعملهم

    يبين العهد الجديد بكل جلاء حقيقة كون الناس قد سيطرت عليهم الشياطين. والاشخاص الذين ابتُلوا بتلك البلوى لم يكونوا يقاسون فقط امراضا لاسباب طبيعية . وقد كان المسيح يدرك ادراكا كاملا مَن كان يتعامل معه واعترف بوجود الارواح الشريرة وفاعليتها.GC 560.2

    والحادثة التي يذكرها الكتاب عن شفاء المجنونين في جدرة تقدم لنا مثلا مدهشا عن عدد الشياطين وقوتهم وخبثهم كما تقدم لنا برهانا رائعا على قدرة المسيح ورحمته . اذ ذينك المجنونين البائسين اذ ابعدا عنهما كل رادع وهما يتلويان والزبد يخرج من افواههما وهما ثائران كانا يملآن الجو بصرخاتهم ا. كانا يقسوان على نفسيهما ويعرضان حياة كل من يقترب منهما للخطر . ان جسميهما الداميين المشوهين وأفكارهما المشتتة قدمت صورة يهتز لها قلب سلطان الظلمة طرب ا. وقد أعلن أحد الشياطين التي كانت مسيطرة على ذينك الرجلين المعذبين قائلا: ”اسمي لجئون لاننا كثيرون“ (مرقس ٥ : ٩). ان كلمة ”لجئون“ كانت عند الجيش الروماني تعني فرقة من الجنود يتراوح عدد رجالها ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف رجل . ان جيوش الشيطان تصطف هي ايضا في فرق . والفرقة الواحدة التي كانت هذه الشياطين تنتمي اليها لم يكن عددها يقل عن لجئون.GC 560.3

    وبأمر يسوع خرجت تلك الارواح الشريرة من ذينك الرجلين المعذبين تاركة اياهما عاقلين وجالسين عند قدمي المخلص، وقد أُخضعا وعاد اليهما ذكاؤهما ورقتهما. ولكن الشياطين سُمح لها بأن تكتسح قطيعا من الخنازير الى البحر . وقد رجحت هذه الخسارة في نظر سكان كورة الجدريين على كل البركات التي قد منحها المسيح . فتوسلوا الى هذا الشافي الالهي بأن ين صرف من تخومهم. وقد كانت هذه هي النتيجة التي كان الشيطان يقصد أن يصل اليه ا. فاذ ألقى تبعة هذه الخسارة على يسوع أثار مخاوف الشعب الانانية وحال بينهم وبين الاستماع الى اقواله . ان الشيطان يشتكي ضد المسيحيين دائما على انهم علة الخسارة ونكد الطالع والآلام، بدلا من أن يجعل اللوم يقع على مصدره الاصلي : عليه هو نفسه وعلى أعوانه.GC 561.1

    لكنّ مقاصد المسيح لم تتعطل . فقد سمح للارواح الشريرة أن تغرق قطيع الخنازير توبيخا لاولئك اليهود الذين كانوا يربون تلك الحيوانات النجسة طمعا في الربح . فلو لم يردع المسيح الشياطين لكانوا قد أغرقوا في البحر ليس الخنازير وحدها بل أيضا رعاتها وأصحابه ا. ان الابقاء على رعاة الخنازير وأصحابها كان مرجعه فقط الى قدرته التي استخدمها في انقاذهم رحمة بهم . وزد على ذلك فانه قد سُمح بوقوع هذه الحادثة حتى يشهد التلاميذ قوة الشيطان القاسية على الانسان والحيوان . وقد رغب المخلص في أن يكون تابعوه على علم بالعدو الذي عليهم أن ينازلوه حتى لا يخدعهم بمكايده ثم يهزمهم، كما كان يريد أن يرى شعب تلك الكورة قدرته على تحطيم عبودية الشيطان واطلاق اسراه احرار ا. ومع أن يسوع نفسه قد رحل فان ذينك الرجلين اللذين خلصا بكيفية معجزية بقيا ليعلنا عن رحمة من قد أحسن اليهما.GC 561.2

    وتوجد في الكتاب المقدس حوادث مسجلة من أمثال هذه الحادثة . فقد كانت ابنة المرأة الفينيقية السورية معذبة من روح شرير لكنّ يسوع اخرجه منها بكلمة (مرقس ٧ : ٢٦ — ٣٠). وفي متى ١٢ : ٢٢ يخبرنا البشير عن ”مجنون أعمى وأخرس“. وكان هنالك شاب به روح أخرس ”كثيرا ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه“ (مرقس ٩ : ١٧ — ٢٧). والرجل المجنون الذي اذ كان يعذبه ”روح شيطان نجس“ (لوقا ٤ : ٣٣ — ٣٦) أزعج العابدين في مجمع كفرناحوم في سكون يوم السبت . كل هؤلاء شفاهم المخلص الر حيم. وفي كل حالة من هذه الحالات تقريبا كان المسيح يخاطب الشيطان ككائن عاقل آمرا اياه أن يخرج من الانسان ولا يعود يعذبه . فاذ رأى العابدون في مجمع كفرناحوم قدرة المسيح العظيمة ”وقعت دهشة على الجميع وكانوا يخاطبون بعضهم بعضا قائلين ما هذه الكلمة لانه بسلطان وقوة يأمر الارواح النجسة فتخرج“ (لوقا ٤ : ٣٦).GC 562.1

    عادة ما يوصف المسكونون بالشياطين بانهم يقاسون آلاماً شديدة . لكنّ لهذه القاعدة شواذا . فبعض الناس كانوا يرحبون بالتأثير الشيطاني طمعا في امتلاك قوة فائقة . هؤلاء لم يكونوا بطبيعة الحال في حالة حرب مع الشياطين . فمن هذه الفئة كان الذين بهم روح عرافة، مثل سيمون الساحر وعليم الساحر والفتاة التي تبعت بولس وسيلا في فيلبي.GC 562.2

    لا أحد معرَّضاً لتأثير الارواح الشريرة أكثر من الذين على رغم شهادة الكتب المقدسة الصريحة الوافية ينكرون وجود الشيطان وملائكته وتأثيرهم . وطالما نجهل مك ايدهم نوفر لهم ميزة لا تُصدَّق . وكثيرون يعملون بمقترحاتهم في حين يظنون أنهم انما يتبعون ما تمليه عليهم حكمتهم . هذا هو السبب الذي يجعل الشيطان مع اقتراب نهاية الزمن الذي فيه يعمل باعظم قوة ليضل الناس ويهلكهم، يذيع في كل مكان الاعتقاد بأنْ ليس له وجود . فسياسته تبنى على كونه يخفي نفسه وطريقة عمله.GC 562.3

    لا شيء يخافه ذلك المضل العظيم أكثر من اطِّلاعنا على حيله . فلكي يخفي صفته الحقيقية ونواياه جعل الناس يصورونه على أنه لا يثير انفعالاً أعظم من السخرية او الاحتقار . انه يسر جداً عندما يصوَّر ككائن مضحك أو كريه أو مشوه، نصفه حيوان ونصفه الآخر انسان . وهو يسر عندما يسمع اسمه يستعمل في معرض اللهو أو السخرية على أفواه الذين يظنون أنفسهم على درجة كبيرة من الذكاء والدراية.GC 563.1

    فلكونه قد تنكر بدهاء ومهارة كاملين يُثار هذا السؤال: ”هل لمثل ذلك المخلوق وجود حقا ؟“ من ادلة نجاحه ان النظريات التي تكذب أوضح الشهادات الكتابية تجد قبولا وتسليما في العالم الديني . ولان الشيطان يستطيع بكل سرعة وسهولة أن يتحكم في عقول الذين لا يدرون عن تأثيره شيئا فان كلمة الله تقدم الينا أمثلة كثيرة عن عمله المؤذي الخبيث وتكشف عن قواته الخفية، وهكذا تجعلنا نتيقظ ونتحفظ من هجماته.GC 563.2

    كان يمكن أن تخيفنا حقا قوة الشيطان وجنوده وحقدهم وخبثهم لو لم يكن في وسعنا أن نجد الحماية والخلاص في قدرة فادينا الفائقة . اننا بكل حرص نوصد ابواب بيوتنا بالمزالج والاقفال لحفظ ممتلكاتنا وأرواحنا من الناس الاشرار، ولكننا قلما نفكر في الملائكة الاشرار الذين يحاولون دائما الوصول الينا ولا حيلة لنا في دفعهم عنا بقوتنا الذاتية . إن نسمح لهم بالدخول يشوشوا عقولنا ويربكوها ويصيبوا أجسامنا بالاضطراب والعذاب ويتلفوا أملاكنا وحياتن ا. فمسرتهم الوحيدة هي في جلب الشقاء والهلاك للناس . ان الذين يقاومون مطالب الله ويسلمون لتجارب الشيطان هم في حالة مخيفة، الى أن يسلمهم الله لسلطان الارواح الشريرة. أما الذين يتبعون المسيح فهم أبدا في سلام وأمان تحت حراسته ورعايته. فالملائكة المقتدرون قوة يرسلون من السماء لحفظهم . والشرير لا يمكنه أن يشق لنفسه ط ريقا في وسط صفوف الحراس الذين قد أقامهم الله حول شعبه.GC 563.3

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents