بيع الغفرانات في سويسرا
وقد اسند بيع الغفرانات في المانيا الى الرهبان الدومنيكان برئاسة تتزل الممقوت القبيح السيرة . اما في سويسرا فقد كلف به الرهبان الفرنسيسكان تحت رئاسة راهب إيطالي يدعى شمشون فاسدى خدمة عظيمة الى الكنيسة بجمعه اموال طائلة من المانيا وسويسرا ليملأ بها خزانة الباب ا. اما الان فقد بدأ يجوب انحاء سويسرا فاجتمعت حوله جموع كثيرة . وكان يسلب ارباح الفلاحين القليلة ويفرض على الاثرياء اموالا طائلة . لكنّ آثار الاصلاح ظهرت في كساد تلك التجارة الآثمة من دون ان توقفها تمام ا. كان زوينجلي لا يزال في انيسيدلن عندما عرض شمشون بعد دخوله سويسرا بضاعته في مدينة قريبة . فلما عرف المصلح غرضه من المجيء هبَّ لمقاومته . لم يتقابل الخصمان، ولكنّ نجاح زوينجلي في فضح ادعاءات ذلك الراهب كان عظيما حتى لقد اضطر الراهب الى الانسحاب الى جهات اخرى.GC 196.2
وفي زيوريخ وعظ ز وينجلي ضد المتاجرة بالغفرانات. وعندما اقترب شمشون من هذه المدينة ارسل اليه المجلس رسولاً يحذره من دخولها واذ استطاع الدخول بالحيلة أبعد من دون ان يبيع صكا واحدا من صكوك الغفران، وبعد قليل رحل عن سويسرا.GC 196.3
وقد اكتسب الاصلاح قوة دافعة محركة عظيمة بظهور الطاعو ن أو ”الموت الوبيل“ الذي اجتاح سويسرا في عام ١٥١٩ . فاذ وقف الناس امام ذلك المهلك وجها لوجه بدأوا يحسون بأن الغفرانات التي كانوا قد ابتاعوها منذ عهد قريب هي باطلة ولا قيمة له ا. فكانوا يتوقون الى أساس أشد رسوخا لايمانهم . واذ كان زوينجلي في زيوريخ اصابه الوباء وكانت وطأة المرض شديدة عليه جدا بحيث انتزع كل أمل في شفائه وانتشرت اشاعة تقول انه قد مات . لكن رجاءه وشجاعته لم يتزعزعا في ساعة التجربة . فلقد نظر بايمان الى صليب جلجثة مستندا الى الكفارة الكافية ا لكاملة عن الخطية . فلما عاد من ابواب الموت بدأ يكرز بالانجيل بغيرة اعظم مما فعل قبلا . وكان لكلامه قوة غير معتادة . فرحب الشعب براعيهم المحبوب بفرح عظيم اذ عاد اليهم بعدما وصل الى حافة القبر . وكانوا هم قد عادوا من زيارة المرضى والمحتضرين وهم يحسون بقيمة الانجيل العظيمة اكثر من قبل.GC 196.4
وصل زوينجلي الى فهم أوضح لتعاليم الكتاب وحقائقه، واختبر قوته المجدِّدة بيقين اعظم وأكمل . وكان موضوع كلامه ووعظه سقوط الانسان وتدبير الفداء. فقال: ”لقد متنا كلنا في آدم وانحدرنا الى اعماق الفساد والدينونة“ (١٢٩). ”وقد اشترى لنا المسيح فداء ابدي ا... وآلامه هي ... ذبيحة أبدية دائمة وفعالة اذ انها تكفل لنا الخلاص والشفاء . وهي كافية لارضاء العدل الالهي الى الابد لمصلحة من يعتمدون عليها بايمان ثابت راسخ“. ومع ذلك فقد علَّم الناس بوضوح انهم ليسوا احرارا ليبقوا في الخطية استنادا الى نعمة المسيح فقال: ”اينما يوجد ايمان بالله فهناك يوجد الله . واينما يسكن الله فهناك توجد غيرة تلح على الناس وتحثهم على الاعمال الصالحة“ (١٣٠).GC 197.1