الهيام غير المقدس

إن لفكرة الزواج على ما يظهر سطوة طاغية و قوة ساحرة و سلطاناً آسراً لعقول الكثيرين من الشبيبة. يلتقي شخصان فيتعارفان ثم لا يلبثان أن يهيما بحب أحدهما الآخر فيستغرق عليهما هذا الحب كل ذهنهما، فتعمى منهما البصيرة و تنهار فيهما المقدرة على الحكم في الأمور، فلا يأخذان بنصح و لا يخضعان لرقابة، بل يحطمان كل مانع و يصران على اتباع هواهما أياً تكن العواقب.SM 479.2

و كما يأخذ الوبا مجراه كذلك شأن هذا الافتتان المستحوذ عليهما، فيبدو و كأن ليس إلى وقفه من سبيل، و لا تعدم أن تجد حول هذين المفتونين من الناس من يدركون أن اتحادهما معاً بالزواج كفيل بأن يجعل حياتهما ضرباً من التعاسة المتصلة، و لكن لا التماساتهم تجدي ولا تحذيراتهم تعني شيئاً، و من يدري فقد يقضي هذا الزواج على نفع واحد منها كان الله سيباركه في خدمته، و لكن هيهات أن يقنعا بالحجة الدامغة أو يسلما بالدليل القاطع.SM 480.1

و كل ما تجود به قريحة ذوي الخبرة من رجال و نساء من وعظ و نصح لا يجدي معهما فتيلاً، ولا قوة فيه على تغيير قرارهما الذي أبرماه بدافع الهوى. ثم لا يلبثان أن يفقدا الرغبة في حضور اجتماعات الصلاة و في كل ما يمت إلى الديانة بسبب، فكلاهما منصرف بكيانه إلى الآخر، متفرغ له و مفتتن فيه، و غافل عن واجباته في الحياة كما لو كانت أموراً غير ذات بال، و ليلة بعد ليلة يسمران حتى ساعة متأخرة من الليل، ينفقان الوقت في الحديث، و فيم يتحادثان. أفي مواضيع خطيرة و أمور ذات قيمة؟ لا، لا. بل هي أحاديث فارغة جوفاء في شؤون سخيفة حمقاء.SM 480.2