الثقافة الصحيحة

الثقافة الصحيحة هي ترسيخ في الذهن لتلك المبادئ التي تطبع في العقل و القلب معرفة الله الخالق و يسوع المسيح الفادي، و تعمل على تجديد الذهن و تقويم الأخلاق و تقوية العقل و تحصينه ضد ما يوسوس به عدو النفوس من خداع و تضليل، و تمكن الفرد من معرفة صوت الله، كما أنها تؤهل أرباب العلم للعمل مع المسيح.SM 175.1

فإذا حاز شبيبتنا هذه المعرفة أمكنهم اكتساب كل ما تبقى من الأمور الجوهرية الجليلة، أما إذ قصروا عن ذلك فإن كل ما يحصلونه من معرفة من العالم لا تؤهلهم للانتساب إلى صفوف الرب. قد يجمعون كل ما في بطون الكتب من معارف و يظلون مع ذلك جاهلين لأبسط مبادئ البر التي تنمي فيهم من السجايا مع يرضي الله.SM 175.2

ليذكر الذين ينشدون المعرفة في معاهد الأرض أن هناك مدرسة أخرى — مدرسة المسيح — تدعيهم تلاميذ فيها، و هي مدرسة لا يتخرج فيها طلابها إطلاقاً، و من بينهم الشبان و الشيب، فالذين يصغون لتعاليم المعلم الإلهي يقبسون المزيد من الحكمة و نبل النفس، فيتهيأون للانتساب إلى ذلك المعهد الأسمى حيث لا يبلغ التقدم منتهاه طوال الأبدية.SM 175.3

إن الكلي الحكمة يبسط أمامنا الدروس الجليلة للحياة — دروس الواجب و السعادة، و هي في الغالب دروس صعبة، و لكننا لا نقدر بدونها أن نحرز تقدماً صحيحاً، فقد تقتضينا بذل الجهود وسفح الدموع بل تكبد الآلام، و مع ذلك يجب ألا نضعف أو نخور، فإنما في هذا العالم ووسط ما نجوز فيه من مصاعب و تجارب يجب أن نؤهل لصحبة الملائكة الأطهار الأبرار، أما الذين يستغرقون في دراسات هي دون ذلك من الأهمية، بحيث يكفون عن التعلم في مدرسة المسيح فإنما يواجهون الخسران الأبدي.SM 176.1

كل مزية و كل سجية مما أنعم به الله على بني البشر يجب أن تستخدم لمجده تعالى، و في هذا تجد النفس أطهر مساعيها و أسماها و أسعدها. علينا أن نجعل مبادئ السماء هي السائدة في الحياة، و كل خطوة إلى الأمام مما تتخذه في سبيل تحصيل المعرفة أو تهذيب العقل فلتكن خطوة نحو التشبه بصفات العلي — (ي: 543 و 544).SM 176.2