Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents

الأنبياء والملوك

 - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل السادس عشر — سقوط بيت آخاب

    (اعتمد هذا الفصل على ما ورد في 1 ملوك 21 : 2 ملوك 1).

    ظل التأثير الشرير الذي أحدثته إيزابل في حياة آخاب وتصرّفاته بادئ ذي بدء، على حاله حتى أواخر سنّي حياته وأثمر في الأعمال المشينة والظلم والقسوة التي قلّ أن يوجد لها مثيل في التاريخ المقدس: ”ولم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب الذي أغوته إيزابل امرأته“ (1 ملوك 21 : 25).AM 164.1

    إذ كان آخاب ميالاً إلى الطمع بطبعه وإذ أعانته إيزابل على عمل الشر، اتّبع أهواء قلبه الشرير حتى سيطرت عليه روح الأنانية بالتمام. فهو لم ينكر على نفسه رغباتها والأشياء التي اشتهاها اعتبر من حقّه الحصول عليها.AM 164.2

    لقد تجلّت هذه النزعة التي سيطرت على آخاب وأثّرت على موارد المملكة وثرواتها بشكل فادح، تحت حكم خلفائه في حادثة وقعت عندما كان إيليّا مازال نبيا في إسرائيل. فقد وجد بالقرب من قصر الملك كرم يملكه نابوت اليزرعيلي. فقرر آخاب امتلاكه واقترح أولاً أن يبتاعه بفضّة أو أن يعطي لصاحبه كرماً عوضاً عنه في موقع آخر. فقال مخاطباً نابوت: ”اعطني كرمك فيكون لي بستان بقول لأنه قريب بجانب بيتي فأعطيك عوضه كرماً أحسن منه أو إذا حسن في عينيك اعطيتك ثمنه فضة“ (1 ملوك 21: 2). AM 164.3

    أما نابوت فكان متعلقاً بكرمه ويقدره تقديراً عظيماً لأنه كان يخص آباءه وقد ورثه عنهم لذلك رفض التنازل عنه. فقال لآخاب: ”حاشا لي من قبل الرب أن أعطيك ميراث آبائي“ (1 ملوك 21 : 3). فلم يكن جائز بموجب القانون اللاوي نقل ملكية الأرض بصفة دائمة لا بالبيع ولا بالاستبدال. بل كان على كل واحد ملازمة ”نصيب سبط آبائه“ (عدد 36 : 7).AM 165.1

    وقد آلم رفض نابوت قلب الملك الأناني وأسقمه: ”فدخل آخاب بيته مكتئباً مغموماً من أجل الكلام الذي كلمه به نابوت اليزرعلي .. واضطجع على سريره وحول وجهه ولم يأكل خبزاً“ (1 ملوك 21 : 4).AM 165.2

    وسرعان ما علمت إيزابل بتفاصيل الموقف، وإذ أغضبها أن واحداُ من الشعب يرفض تلبية رغبات الملك، أكدت لآخاب أن لا حاجة به إلى الحزن أو الاكتئاب. وقال له: ”أأنت الآن تحكم على إسرائيل؟ قم كل خبزاً وليطلب قلبك. أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعلي“ (1 ملوك 21 : 7).AM 165.3

    ولم يكن آخاب يكترث للوسيلة التي ستلجأ زوجته إليها لتحقيق ذلك الغرض الشهي. وبدأت إيزابل يتنفيذ نواياها الشريرة الخبيثة فوراً. فكتبت رسائل باسم الملك وختمتها بخاتمه وأرسلتها إلى شيوخ وأشراف المدينة التي كان يسكنها نابوت. وذكرت في الرسائل تقول: ”نادوا بصوم وأجلسوا نابوت في رأس الشعب. وأجلسوا رجلين من بني بلعيال تجاهه ليشهدا قائلين قد جدفت على الله وعلى الملك ثم اخرجواه وارجموه فيموت“ (1 ملوك 21 : 9، 10).AM 165.4

    ونُفّذ الأمر: ”ففعل رجال مدينته الشيوخ والأشراف .. كما هو مكتوب في الرسائل التي ارسلتها (إيزابل) إليهم. ”ثم ذهبت إيزابل إلى الملك وأمرته أن يقوم ويرث الكرم“ (1 ملوك 21 : 11). فإذ كان آخاب لا يعير العواقب أي اهتمام انقاد لمشورتها انقياداً أعمى ونزل إلى الكرم الذي طالما تاق لامتلاكه ودخل إليه ليرثه.AM 166.1

    ولم تترك الفرصة للملك للاستمتاع بما كسبه بالخداع وسفك الدم دون توبيخ: ”فكان كلام الرب إلى إيليا التشبي قائلاً قم انزل للقاء آخاب ملك إسرائيل الذي في السامرة هوذا هو في كرم نابوت الذي نزل إليه ليرثه. وكلمه قائلاً هكذا قال الرب هل قتلت وورثت أيضاً؟“ (1 ملوك 21: 17 — 19). وبعد ذلك أمر الرب إيليا بأن ينطق على آخاب بحكم رهيب.AM 166.2

    وأسرع النبي بتنفيذ أمر الرب. فإذ وقف الملك المجرم في الكرم وجهاً لوجه أمام رسول الرب الصارم النظرات، عبّر عن خوفه وفزعه بالقول: ”هل وجدتني يا عدوي“ (1 ملوك 21 : 20).AM 166.3

    أجابه رسول الرب بدون تردد قائلاً: ”قد وجدتك لأنك قد بعت نفسك لعمل الشر في عيني الرب. هأنذا أجلب عليك شراً وأبيد نسلك“. لم يكن ليستحق أن يعامل بأي رحمة. كان لابد من أن يبيد بيت آخاب ابادة كاملة ويصير: ”كبيت يربعام بن نباط وكبيت بعشا بن أخيّا“. هكذا أعلن الله على لسان خادمه: ”لأجل الإغاظة التي اغطتني ولجعلك إسرائيل يخطئ“.AM 166.4

    وقد أعلن الرب عن إيزابل قائلاً: ”إن الكلاب تأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل. من مات لآخاب في المدينة تأكله الكلاب ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء“.AM 166.5

    فلما سمع الملك هذه الرسالة الرهيبة: ”شق ثيابه وجعل مسحا على جسده وصام واضطجع بالمسح ومشى بسكوت“.AM 167.1

    ”فكان كلام الرب إلى إيليا التشبي قائلاً هل رأيت كيف اتضع آخاب أمامي فمن أحل أنه قد اتضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه بل في أيام ابنه أجلب الشر على بيته“ (1 ملوك 21 : 20 — 25، 27، 28).AM 167.2

    لم تمض بعد ذلك ثلاث سنوات حتى كان الملك آخاب قد لقي مصرعه بأيدي الآراميين. أما اخزيا ابنه فقد قيل عنه أنه: ”عمل الشر في عيني الرب وسار في طريق أبيه وطريق أمه وطريق يربعام .. وعبد البعل وسجد له وأغاظ الرب إله إسرائيل“ كما فعل آخاب أبوه (1 ملوك 22 : 52، 53). ولكن الأحكام سارت في أعقاب خطايا الملك المتمرد، فقد نشبت حرب مدمرة بينه وبين موآب، كما وقعت حادثة هددت حياته بالموت، كانت شاهداُ على غضب الله عليه.AM 167.3

    فإذ ”سقط أخزيا من الكوة التي في عليته“ وأصابه ضرر بليغ، وكان يخاف من العواقب الوخيمة المتوقعة، أرسل بعض عبيده ليسألوا بعل زبوب إله عقرون أن كان يبرأ من مرضه أم لا. كان يظن أن إله عقرون يعرف الغيب بواسطة كهنته ليخبر الناس عما سيحدث لهم مستقبلاً. وكان يذهب إليه كثيرون ليسألوه. ولكن كان مصدر التنبؤات التي كانت تقدم للناس والمعرفة التي تعطى للشعب، هو سلطان الظلمة.AM 167.4

    وقد التقى عبيد أخزيا بأحد رجال الله الذي أوصاهم أن يعودوا إلى الملك بالرسالة التالية: ”أليس لأنه لا يوجد في إسرائيل إله تذهبون لتسألوا بعل زبوب إله عقرون؟ فلذلك هكذا قال الرب إن السرير الذي صعدت عليه لا تنزل عنه بل موتاُ تموت“ (2 ملوك 1 : 3، 4). وحالما ألقى النبي رسالته ارتحل.AM 167.5

    أسرع العبيد المندهشون عائدين إلى الملك ورددوا على مسامعه أقوال رجل الله. فسألهم الملك قائلاً: ”ما هي هيئة الرجل؟“ فأجابوه قائلين: ”إنه رجل اشعر متنطق بمنطقة من جلد على حقويه“. فصاح أخزيا يقول: ”هو إيليا التشبي“ (2 ملوك 1 : 7، 8). وكان يعلم أنه إذا كان ذلك الغريب الذي التقى به رسله هو إيليا بعينه، فلابد من إتمام الحكم الذي نطق به عليه. فإذ كان مشتاقاً إلى تفادي الحكم الذي يهدده لو أمكن ذلك، عول على استدعاء النبي.AM 168.1

    وقد أرسل أخزيا فرقتين من الجند على مرحلتين لإدخال الرعب إلى قلب النبي، وفي كلتا المرتين كان غضب الله ينصب على كل فرقة في دينونة رهيبة. أما الفرقة الثالثة فقد تذلل جنودها أمام الله، ولما اقترب رئيس الفرقة إلى رسول الرب: ”جثا على ركبتيه أمام إيليا وتضرع إليه وقال له يا رجل الله لتكرم نفسي وأنفس عبيدك هؤلاء الخمسين في عينيك“.AM 168.2

    ”فقال ملاك الرب لإيليا انزل معه لا تخف منه. فقام ونزل معه إلى الملك. وقال له هكذا قال الرب. من أجل أنت أرسلت رسلاً لتسأل بعل زبوب إله عقرون أليس لأنه لا يوجد في إسرائيل إله لتسأل عن كلامه؟ لذلك السرير الذي صعدت عليه لا تنزل عنه بل موتاً تموت“ (2 ملوك 1 : 13، 15، 16).AM 168.3

    لقد شهد أخزيا في إبان حكم ابيه عجائب العلي. فرأى البراهين الجلية المرعبة التي قدمها الله لشعبه المرتد تعبيراً عن الكيفية التي ينظر بها إلى الذين لا يلتزمون بمطالب شريعته. ولكن أخزيا تصرف بمنأى عن هذه الحقائق الواقعية المذهلة واعتبرها حكايات عاطلة. فبدلاً من أن يتذلل أمام الرب سار وراء البعل، وأقدم أخيراً على هذه المجازفة الطائشة التي كانت أعظم عمل إلحادي وقح وإذ كان متمرداُ وغير راعب في التوبة مات ”حسب قول الرب الذي تكلم به إيليا“ (2 ملوك 1 : 17).AM 168.4

    يوجد إنذار في تاريخ خطيئة الملك أخزيا بحيث لا يمكن لإنسان الاستخفاف به من دون عقاب. قد لا يقدم الناس ولاءهم اليوم للآلهة الوثنية، لكن آلافاُ يسجدون في هيكل الشيطان بالتأكيد كما فعل ملك إسرائيل. إن روح الوثنية متفشية في العالم اليوم، بالرغم من تسترها وراء العلم والتهذيب واتخاذها لنفسها أسماء أكثر تهذيباً وجاذبية عما كانت عليه الحال في الأيام التي أرسل فيها أخزيا رسله إلى إله عقرون. وكل يوم يحمل إلينا برهاناُ مؤلماً جديداُ على أن الإيمان بكلمة النبوة الثابتة بدأ يتضاءل ويتدهور، وأن الخرافات والعرافة الشيطانية احتلتا مكانة هامة تأسران عقول الكثيرين.AM 169.1

    ونجد اليوم أن غوامض العبادة الوثنية استبدلت بالجلسات السرية وعجائب وسطاء مناجاة الأرواح. وإن آلافاُ ممن يرفضون قبول نور كلمة الله أو وساطة روحه، يتهافتون بشوق وشغف للحصول على معلومات وأسرار يكشفها الوسطاء. وقد يعبر من يعتقدون بمناجاة الأرواح عن احتقارهم للسحرة القدامى، ولكن المخادع الأكبر يسخر منهم بزهو وانتصار عندما يراهم يخضعون لحيله في هيئة أخرى.AM 169.2

    كثيرون ينكمشون رعباً من فكرة استشارة وسطاء الأرواح إلا أنهم ينجذبون لأشكال روحانية أخرى تسرهم وآخرون تضللهم تعاليم العلم المسيحي الروحاني ومذهب المثوصوفية، أي التعبير الروحي والتأمل الفلسفي المبهم واللاعقلاني للديانات الشرقية* (العلم المسيحي هو دين وطريقة في معالجة أدوات العقل والجسد، ويعتقد المنادون به أن الخطيئة والمرض والموت يمكن القضاء عليها بفهم تعاليم المسيح فهماً كاملاً والعمل بموجبها) — قلم التحرير.AM 169.3

    يزعم غالبية دعاة مناجاة الأرواح أن عندهم قوة للشفاء. وهم بنسبون هذه القوة للكهرباء أو المغناطيس التي تسمى ”العلاج بالمشاركة الوجدانية“ أو للقوى الخفية في داخل عقل الإنسان. ويوجد عدد غير قليل حتى في العصر المسيحي هذا ممن يذهبون إلى مدعي الشفاء هؤلاء بدلاً من اتّكالهم على قدرة الإله الحي ومهارة الأطباء المتخصصين. فالأم التي تسهر إلى جوار سرير طفلها المريض تصرخ أخيراً بجزع قائلة: ”لا أستطيع أن أفعل أكثر من ذلك. ألا يوجد طبيب له القدرة التي يجريها طبيب روحاني أو مغناطيسي، فتستودع عزيزها بين يديه وهي في الواقع تضعه بين يدي الشيطان كما لو كان واقفاً إلى جوارها. وفي كثير من الحالات تسيطر على حياة الطفل المستقبلية قوة شيطانية يبدو من المستحيل التخلص منها.AM 170.1

    كان لدى الله سبب وجيه لسخطه على إلحاد أخزيا. أي شيء قصر الرب عن عمله لكسب قلوب شعبه وإلهامهم الثقة في شخصه؟ لقد ظل عصوراً طويلة يظهر لشعبه إعلاناته الكثيرة عن رحمته ومحبتة التي لا تبارى. فمنذ البدء أعلن قائلاً: ”لذاتي مع بني آدم“ (أمثال 8 : 31). لقد كان عوناً حاضراً لكل الذين طلبوه بإخلاص. ومع ذلك فها هو ملك إسرائيل يطلب العون من ألد أعداء شعبه ويعلن بذلك للوثنيين أنه يثق بأوثانهم أكثر مما يثق بإله السماء. ويهينه الرجال والنساء بالكيفية ذاتها عندما يتركون نبع القوة والحكمة ويسألون العون والمشورة من قوات الظلمة. فإذا كان غضب الله قد اشتعل على أخزيا بسبب تصرفه المشين، فكيف يعتبر من يختارون طريقاً مماثلاً رغم النور الذي بحوزتهم؟AM 170.2

    قد يفخر من يسلمون أنفسهم لسحر الشيطان كونهم حصلوا على نفع عظيم، ولكن هل يبرهن مسلكهم هذا أنه ينطوي على الحكمة وأن فيه الأمان؟ ماذا لو طالت أعمارهم؟ ماذا لو أصابوا ربحاً زمنياً؟ فهل يعوضهم هذا في النهاية عن احتقارهم لإرادة الله؟ إن كل ربح ظاهري كهذا سيبرهن في النهاية أنه خسارة لا يمكن تعويضها. فنحن لا يمكننا أن ننقض سياجاً واحداً من السياجات التي أقامها الله لحراسة شعبه من قوة الشيطان دون أن نجني العواقب.AM 171.1

    وإذ لم يكن لأخزيا ابن فقد تولى الملك من بعده يهورام أخوه الذي ملك على الأسباط العشرة اثنتي عشرة سنة. وكانت أمه إيزابل على مدى هذه السنين ماتزال على قيد الحياة، وظلت تستخدم نفوذها الشرير في كل شؤون الأمة. وكان كثير من الشعب ما يزالون يمارسون العادات الوثنية. أما يهورام نفسه فإنه: ”عمل الشر في عيني الرب ولكن ليس كأبيه وامه فإنه أزال تمثال البعل الذي عمله أبوه. إلا أنه لصق بخطايا يربعام بن نباط الذي جعل إسرائيل يخطئ. لم يحد عنها“ (2 ملوك 3 : 2، 3),AM 171.2

    وفي أثناء ملك يهورام على إسرائيل مات يهوشافاط فملك ابنه عوضاً عنه واسمه يهورام أيضاً، فتولى عرش مملكة يهوذا. وإذ تزوج بابنة آخاب وإيزابل ارتبط يهورام ملك يهوذا بملك إسرائيل ارتباطاً وثيقاً. وفي ملكه تمسك بعبادة البعل: ”كما فعل بيت آخاب“. ”وهو أيضاً عمل مرتفعات في جبال يهوذا وجعل سكان أورشليم يزنون وطوح يهوذا“ (2 أخبار الأيام 21 : 6، 11).AM 171.3

    ولم يسمح لملك يهوذا أن يمعن في ارتداده دون أن يناله التوبيخ. لم يكن النبي إيليا قد صعد بعد إلى السماء، ولم يستطع أن يظل صامتاً وهو يرى مملكة يهوذا تسلك ذات الطريق الذي أودى بالمملكة الشمالية إلى حافة الإنهيار. فأرسل النبي إلى يهورام ملك يهوذا رسالة مكتوبة قرأ فيها الملك الشرير هذه الأقوال القاسية التالية: ”هكذا قال الرب إله داود أبيك. من أجل أنك لم تسلك في طرق يهوشافاط أبيك وطرق آسا ملك يهوذا بل سلكت في طرق ملوك إسرائيل وجعلت يهوذا وسكان أورشليم يزنون كزنا بيت آخاب وقتلت أيضاً إخوتك من بيت أبيك الذي هم أفضل منك. هوذا يضرب الرب شعبك وبنيك ونساءك وكل ما لك ضربة عظيمة. وإياك بأمراض كثيرة“.AM 172.1

    وإتماماً لهذه النبوة: ”أهاج الرب على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين فصعدوا إلى يهوذا واقتحموها وسبوا كل الأموال الموجودة في بيت الملك مع بنيه ونسائه أيضاً ولم يبق له ابن إلا يهوآحاز أصغر بنيه (أي أخزيا أو عزريا).AM 172.2

    ”وبعد هذا كله ضربه الرب في أمعائه بمرض ليس له شفاء. وكان من يوم إلى يوم حسب ذهاب المدة عند نهاية سنتين .. مات بأمراض ردية“ وملك أخزيا (يهوآحاز) ابنه عوضاً عنه (2 أخبار الأيام 21 : 12 — 19، 2 ملوك 8 : 24).AM 172.3

    كان يهورام ابن آخاب ما زال يملك على مملكة إسرائيل عندما اعتلى عرش مملكة يهوذا أخزيا ابن أخته. وقد ملك أخزيا سنة واحدة كان في خلالها واقعاً تحت تأثير أمه عثليا التي ”كانت تشير عليه بفعل الشر“. ”وسار في طريق بيت آخاب وعمل الشر في عيني الرب“ (2 أخبار الأيام 22 : 3، 4، 2 ملوك 8 : 27). وكانت إيزابل جدته مازالت على قيد الحياة، وقد عقد حلفاً مع خاله يهورام ملك إسرائيل بلا اكتراث بالنتائج.AM 172.4

    وسرعان ما لقي أخزيا ملك يهوذا مصرعه ومات ميتة مفجعة. أما الأحياء الباقون من بيت آخاب فكانوا ”له مشيرين بعد وفاة أبيه لإبادته“ (2 أخبار الأيام 22 : 3، 4). وبينما كان أخزيا في زيارة خاله في يزرعيل أمر الله أليشع النبي أن يرسل واحداً من بني الأنبياء إلى راموت جلعاد ليمسح ياهو ملكاً على إسرائيل. وكانت جيوش يهوذا وإسرائيل المتحدة مشغولة حينئذ في حملة حربية ضد الآراميين في راموت جلعاد. وقد جرح يهورام في الحرب وعاد إلى يزرعيل تاركاً ياهو ليتولى أمر الجيوش الملكية.AM 173.1

    وأعلن رسول أليشع الذي أرسله لمسح ياهو قائلاً له: ”قد مسحتك ملكاً على شعب الرب“. وحينئذ أوصى ياهو أن يقوم بمأمورية خاصة من السماء فقال له: ”فتضرب بيت آخاب سيدك“ وقد أعلن الرب قائلاً بفم هذا الرسول: ”وانتقم لدماء عبيدي الأنبياء ودماء جميع عبيد الرب من يد إيزابل فيبيد كل بيت آخاب“ (2 ملوك 9 : 6 — 8).AM 173.2

    فبعدما نادى الجيش بياهو ملكاً أسرع ياهو إلى يزرعيل حيث بدأ عملية قتل وإعدام الذين أصروا على الاستمرار في ارتكاب الخطيئة وإغراء الآخرين على ارتكابها. وقتل يهورام ملك إسرائيل وأخزيا ملك يهوذا وإيزابل الملكة الأم ”وكل الذين بقوا لبيت آخاب في يزرعيل وكل عظمائه ومعارفه وكهنته“. ”وجميع أنبياء البعل وكل عابديه وكل كهنته“ الذين كانوا عائشين في مركز عبادة البعل بالقرب من السامرة قتلوا بحد السيف. وكل تماثيل البعل سحقت وهدمت وأحرقت وصار هيكل البعل خراباً: ”واستأصل ياهو البعل من إسرائيل“ (2 ملوك 10 : 11، 19،28).AM 173.3

    ووصلت أنباء هذه الإبادة إلى مسامع عثليا ابنة إيزابل التي كان لا يزال لها مركز الثقل في مملكة يهوذا وعندما رأت أن ابنها ملك يهوذا قد مات: ”قامت وأبادت جميع النسل الملكي من بيت يهوذا“. وفي هذه المذبحة هلك كل نسل داود الذين كان لهم الحق في اعتلاء العرش، فيما عدا واحداً كان طفلاً يدعى يوآش الذي خبأته امرأة يهوياداع الكاهن الأعظم في داخل تجوم الهيكل. وظل الطفل مخبأ ست سنين: ”وعثليا مالكة على الأرض“ (2 أخبار الأيام 22 : 10، 12).AM 174.1

    وفي نهاية هذه المدة اتحد ”اللاويون وكل يهوذا“ (2 أخبار الأيام 23 : 8) مع يهوياداع الكاهن الأعظم في تتويج الطفل يوآش ومسحه والمناداة به ملكاً عليهم ”وصفقوا وقالوا ليحي الملك“ (2 ملوك 11 : 12).AM 174.2

    ”ولما سمعت عثليا صوت الشعب يركضون ويمدحون الملك دخلت إلى الشعب في بيت الرب“ (2 أخبار الأيام 23 : 12). ”ونظرت وإذا الملك واقف على المنبر حسب العادة والرؤساء ونافخوا الأبواق بجانب الملك وكل شعب الأرض يفرحون ويضربون بالأبواق“.AM 174.3

    ”فشقت عثليا ثيابها وصرخت خيانة خيانة“. (2 ملوك 11 : 14). ولكن يهوياداع الكاهن أمر قواد الجيش أن يلقوا القبض عليها وعلى كل تابعيها ويخرجوهم إلى خارج الهيكل إلى مكان الاعدام حيث كانوا سيقتلون.AM 174.4

    وهكذا هلكت آخر سلالة بيت آخاب. فالشر الرهيب الذي حدث من جراء زواجه بإيزابل ظل باقياً حتى وفاة آخر امرأة من نسله. وفد أفلحت عثليا حتى في أرض يهوذا حيث لم تمهل عبادة الإله الحقيقي بصفة رسمية، في تضليل كثيرين. وحالما قتلت الملكة المتحجرة القلب، ”دخل جميع شعب الأرض إلى بيت البعل وهدموا مذابحه وكسروا تماثيله تماماً وقتلوا متان كاهن البعل أمام المذابح“ (2 ملوك 11 : 18).AM 175.1

    وقد تبع ذلك إصلاح. والذين اشتركوا في المناداة بيوآش ملكاً تعاهدوا بوقار: ”أن يكونوا شعباً للرب“. والآن بعدما زال تأثير ابنة إيزابل من مملكة يهوذا وقتل كهنة البعل وهدم هيكلهم فقد ”فرح كل شعب الأرض واستراحت المدينة“ (2 أخبار الأيام 23 : 16، 21).AM 175.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents