التغلغل في أسرار الله

(السرائر للرب إلهنا والمعانات لنا ولنبينا إلى الأبد) (تثنية ٢٩: ٢٩). فإعلان الله عن ذاته الذي قد أعطانا إياه في كلمته هو لأجل درسنا. وهذا ما يمكننا أن نحاول فهمه. ولكن لا حق لنا في أن نتغلغل إلى ما هو أبعد من ذلك. يمكن لأسمى العقول أن يجهد نفسه في التخمينات عن طبيعة الله حتى يأكل ولكنه جهد ضائع . هذه المشكلة لم يُعطَ لنا ان نحلها. إذ لا يمكن لعقل بشري أن يدرك الله، وليس لأحد أن يفكر ويخمن عن طبيعته. هنا يُحسب الصمت أبلغ من الكلام. فالإله العليم بكل شيء هو فوق كل بحث أو جدال.KS 266.5

بل حتى الملائكة لم يُسمح لهم بالاطلاع على المشاورات التي دارت بين الأب والابن عند وضع تدبير الخلاص. إذا فليس لبني الإنسان أن يتعظوا على أسرار العلي. إننا نجهل الله كالأطفال تماما، ولكن علينا أن نحبه ونطيعه كالأطفال. وبدلا من التخمين بخصوص طبيعة الله وامتيازاته تلتفت إلى الكلام الذي نطق به:KS 267.1

«إلى عمق الله تتصل. أم إلى نهاية القدير تنتهي. هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل. أعمق من الهاوية فماذا تدري. أطول من الأرض طوله وأعرض من البحر» (ایوب ۱۱: ۷ - ۹).KS 267.2

«أما الحكمة فمن أين توجد. وأين هو مكان الفهم. لا يعرف الإنسان قيمتها ولا توجد في أرض الأحياء. الغمر يقول ليست هي فيَّ والبحر يقول ليست هي عندي. لا يعادلها ذهب خالص بدلها ولا توزن فضة تعني لها. لا توزن يذهب وفير أو بالجزع الكريم أو الياقوت الأزرق . لا يعادلها الذهب ولا الزجاج ولا تبدل بإناء ذهب إبريز. لا يُذكر المرجان أو البلور وتحصيل الحكمة خير من اللآلئ. لا يعادلها ياقوت كوش الأصفر ولا توزن بالذهب الخالص فمن أين تأتي الحكمة. وأين هو مكان الفهم . . . الهلاك والموت يقولان بآذاننا قد سمعنا خبرها. الله يفهم طريقها و هو عالم بمکانها.KS 267.3

(لأنه هو ينظر إلى أقاصي الأرض. تحت كل السموات يرى ... لما جعل المطر فريضة ومذهبا للصواعق. حينئذ رآها وأخبر بها. هيأها وأيضاً بحث عنها. وقال للإنسان هوذا مخافة الرب هي الحكمة و الحيدان عن الشر هو الفهم) (أبواب ۱۲:۲۸ - ۲۸).KS 267.4

أن الحكمة لا توجد بواسطة التفتيش والبحث في مخابئ الأرض ولا بالمحاولات الفاشلة للتغلغل في أسرار الله. ولكنها توجد بالأحرى في كوننا بكل تواضع نقل الإعلان الذي سُر بأن يعطيه لنا وفي جعل حياتنا متوافقة مع إرادته.KS 268.1