المطبوعات المثيرة

كثير من المنشورات الدارجة في هذه الأيام مشحونة بالقصص الشهوانية التي تعلم الشباب الشر وتقودهم في طريق الهلاك - والصبية الصغار يتبحرون ناضجون في معرفة الجريمة. في القصص التي يقرؤونها تحرضهم على الشر. وفي تصوراتهم يمثلون الأعمال التي صورت أمامهم حتى يثور طموحهم لأن يروا ما يستطيعون عمله في ارتكاب الجريمة والتملص من القصاص .KS 277.5

إن المشاهد التي تصور في إعلانات خيالية للمستقبل هي حقائق أمام عقول الصبيان والشباب النشيطة. وإذ يتم التكهن بالثورات وتوصيف كل طرق الإجراءات التي تهدم كل سياجات القانون وروادع النفس فكثيرون يُلهبون بروح هذه التمثيلات. وهذا يقودهم لارتكاب جرائم أفظع مما يصور. هؤلاء الكتاب الحماسيون ، لو امكن ذلك . وعن طريق هذه المؤثرات وأمثالها تفسد أخلاق المجتمع . وتزرع بذور التمرد والعصيان على مدى واسع ، ولا غرابة إذا كان الحصاد هو ارتكاب الجرائم .KS 278.1

إن الكتب الخيالية التي تُكتب فيها قصص طائشة مثيرة هي لعنة على كل قارئ لا تقل عن سابقتها. قد يدّعي الكاتب أنه إنما يعلم القراء درسا أخلاقيا، وفي ثنايا كتابه قد يحبك مبادئ دينية ولكن هذه في الغالب تكون ستارا يخفي تحته الكثير من الغباء والتفاهة.KS 278.2

إن العالم مشحون بالكتب الحافلة بالضلالات الخادعة. وما يفضحه الكتاب المقدس على أنه كذب، يقبله الشباب على أنه حق، وهم يحبونه ويتعلقون بالخداع الذي يعني هلاك النفس .KS 278.3

توجد كتب خيالية كتبت لغرض تعليم الحق أو فضيح شر عظيم. فبعض هذه الكتب كان لها تأثير صالح. ومع ذلك فقد أحدثت ضررا لا يمكن التعبير عنه. فهي تحتوي على بيانات وقصص سطرها القلم بصورة رائعة، ولكنها تثير الخيال وتوقظ مسلسلة من الأفكار الخطيرة ولا سيما على الشباب ، والمشاهد الموصوفة تحيا في أفكارهم مرارا كثيرة - مثل هذه الكتب لا تؤهل الفرد للنفع ، يلي تجعله غير صالح للحياة الروحية. وهي تقوض اهتمام الإنسان بالكتاب المقدس. والأمور الروحية قلما تجد مجالا في الأفكار. وإذ يتأمل العقل في مشاهد النجاسة كما هي مصورة تثور الشهوة وترتكب الخطية.KS 278.4

وحتى القصص الخيالية التي لا تحتوي على اقتراحات للنجاسة والتي قد يكون القصد منها تعليم مبادئ فاضلة، هي ضارة. فهي تشجع الإنسان على عادة القراءة السريعة السطحية لمجرد الاطلاع على القصة. وهكذا تدمر القوة على التفكير المتصل النشيط ، وتجعل النفس غير مؤهلة للتفكير في المشاكل العظيمة ، مشاكل الواجب والمصير .KS 278.5

إن قراءة القصص الخيالية إذ تخلق في النفس محبة التسليات التافهة فهي تخلق فيها نفور وكراهية لواجبات الحياة العملية. بواسطة قوتها المثيرة المسكرة كثيرا ما تكون سببا في الأمراض العقلية والجسدية. فكثيرا ما حدث أن بيتا تعسا و مهملا، أو إنسانا مصابا بعرض لازمه طول الحياة أو إنسانا نزيلا في مستشفى الأمراض العقلية صار إلى هذا المصير يسبب عادة قراءة الروايات .KS 278.6

كثيرا ما شدد البعض قائلين إنه لكي نريح الشباب حتى يقلعوا عن قراءة الكتب المثيرة أو التافهة ينبغي لنا أن تزودهم بنوع من الخيال أفضل مما عندهم . هذا يشبه محاولة شفاء السكير بأن نقدم له المسكرات الأخف وطأة من الويسكي أو البراندي، فتقدم له مثلا الخمر أو البيرة أو خمر التفاح - فإن تعاطي هذه قد يثير فيه تعطشا دائما للمسكرات الأشد وطأة. إن السلامة الوحيدة للسكر، الواقي الوحيد للرجل المعتدل هو الامتناع التام. وهذا يصدق أيضاً على محب الروايات الخيالية. بسلامته هي في الامتناع التام .KS 279.1