Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents

أعما لالرُّسل

 - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    الفصل الثالث والخمسون

    يوحنا الحبيب

    لقد امتاز يوحنا على باقي التلاميذ بأنه «التلميذ الذي كان يسوع يحبه» ( يوحنا 21: 20). ويبدو انه قد تمتع بصداقة يسوع الى درجة فائقة جدا وحصل على علامات كثيرة تدل على ثقة المخلص ومحبته له . وكان يوحنا احد الثلاثة الذين سمح لهم بمشاهدة مجد المسيحفوق جبل التجلي، وآلامه في جثسيماني ، وقد اوكل اليه السيد امر رعاية امه في ساعاته الاخيرةالتي كان يقاسي فيها سكرات الموت على الصليب . AR 489.1

    وقد قوبلت محبة المخلص لتلميذه الحبيب بكل مايمكن ان يكنه قلب انسان من اقوى حب واعمق ولاء. فعتلق يوحنا بالمسيح كما تتعلق الكرمة بالعمود العظيم . فلأجل خاطر سيده واجه المخاطر بحضورالمحاكمة في دار الولاية ، وبقي عند الصليب ، واذ سمع النبا القائل بأن المسيح قد قام ، اسرع الى القبر وفي غيرته سبق حتى بطرس السريع الاندفاع. AR 489.2

    ان المحبة الواثقة والتكريس غير الاناني اللذين ظهرا في حياة يوحنا وخلقه يقدمان للكنيسة المسيحية دروسا ذات قيمة لاتقدر . ان يوحنا لم يكن يملك بالطبيعة جمال الخلق الذي كشف عنه اختباره اللاحق . فبطبيعته كانت في نقائص خطيرة. فلم يكن فقط متكبرا ومعتدا بذاته وطامعا في الكرامة بل كان ايضا مندفعها وسريع الغضب ان وقعت عليه اذية . وقد دعي هو واخوه «بني الرعد» لقد كان الطبع الشرير والرغبة في الانتقام ورح الانتقاد كلها موجودة عند التلميذ الحبيب . ولكن المعلم الالهي رأى ببصيرته النفاذة وراء ذلك كلهقلبا غيورت وفيت محبا . لقد وبخه يسوع لأنه طلب ما لنفسه وخذل مطامعه وامتحن ايمانه . ولكنه اعلن له ماكانت تتوق نفسه اليه ن جمال القداسة وقوة المحبة المغيرة. AR 489.3

    وقد ظهرت النقائص في خلق يوحنا على حقيقتها وبقوة في عدة مناسباتفي اثناء عشرته الشخصية مع المخلص. ففي مرة ارسل المسيح امامه رسلا الى قرية للسامريين طالبا من أولئك الناس يعدوا له ولتلاميذهطعاما ينعشون به انفسهم.ولكن عندما اقترب المخلصالمدينةتظاهر كأنه يرغب في ان يتجاوزهم ذاهبا إلى اورشليم. فأثارذلك جسد السامريين فبدلا من ان يدعوه ليمكث معهم منعوا عند الكرام والمجاملات التي كانواليقدمونها لأي عابر سبيل . ان يسوع لايفرض حضوره على أي انسان وقد خسر السامريون البركة التي كان يمكنه ان يمنحها لهم لو التمسو منه انيحل ضيفا عليهم. AR 490.1

    لقد فهم التلاميذ ان المسيحكان يقصد ان يباركالسامريين بحضوره بينهم ، فلما قوبل معلمهم بذلك الفتوروالحسد وعدم الاحترام امتلأو دهشة وغضبا . وقد ثار يعقوب ويوحنابوجه خاص. لقد بدا لهما ان معاملة ذاك الذي كان يكرمانه اكراما عظيما بمثل تلك المعاملة، ظلم اعظم من ان يسكتا عليه بدون قصاص سريع . ففي غيرتهما قالا : «يارب ، اتريد ان نقول ان تنزل نار من السماء فتفنيهم ، كما فعل أي ايليا ايضا ؟» وهذه اشارة الى هلاك رئيسي قوات الجيشالسامري المرسلين للقبض على ايليا وقواتهما . وقد دهشالتلميذانحين علما ان كلامهما قد آالم يسوع، وزادت دهشتهما عندما سمعا توبيخه القائل : «لستما تعلمان من أي روح انتما . لأنابن الانسانلميأت ليهلك انفس الناس ، بل ليخلص» ( لوقا 9: 54 — 56).AR 490.2

    انه ليس من ضمن برنامج خدمة المسيح ان يرغم الناس على قبوله. ولكن الشيطان والناسالذين تحركهم روحه همالذين يحاولون ان يرغموا الضمير .فبحجة الغيرةعلى البر يوقع الناس المتحالفون مع الملائكة الاشرار الآلام على بني جنسهم احيانالكي يجعلوهم يعتنقون آرائهم بخصوص الدين . ولكن المسيح يظهر دائما الرحمة ويحاول دائما ان يأسرالقلوبباظهار محبته. انه لايسمح بوجود منافس له فينا، ولايقبلخدمة ناقصة ، ولكنه يرغب فقط في الخدمة الطوعية ن وتسليم القلب بمحض الاختيار تحت ضغط المحبة . AR 491.1

    وفي مناسبة اخرى قدم يعقوب ويوحناالى يسوع طلبة عن طريق امهما طالبين منه ان يسمح لهما بأن يشغلا اسمى مراتبالشرف والكرامة في ملكوته. فبالرغم من تعليم المسيح المتكرر المختلصبطبيعة ملكوته ، فإن هذين التميذين الشابين كانا لايزالان يعززان الرجاء بمجيئ مسيا يأخذ لنفسه عرشاوسلطانا ملكيا طبقالرغبات الناس. واذ كات الام مع ابنيها تشتهي لهما مكان الشرف في هذا الملكوت ، سألت يسوع قائلة : «قل ان يجلس ابناي هذان واحد عن يميننك والآخر عن اليسار في ملكوتك».AR 491.2

    ولكن المخلص اجاب بقوله: «لستما تعلمان ماتلطبان . اتستطيعان ان تشربا الكأس التي سوف اشربها انا ، وان تصطبغا بالصبغة بالصبغة التي اصطبع بها انا ؟ ومعانهما ذكرا كلامه المبهم الذي كان يشير الىالمحاكمة والالم ، فقداجاباه بكل ثقة قائلين : «نستطيع» لقد حسباان اعظم شرف واسمى كرامة ان يبرهنا على ولائهما له بكونهمايشاركان سيدهما في كل مايحل به .AR 491.3

    فأعلن لهما المسيح قائلا: «أما كأسي فتشربانخا ، وبالصبغة التي اصطبغ بها ان تصطبغان» .كان أمامه صليببدل العرش ،ورفيقان مذنباناحدهما عن يمينه والآخر عن يساره . وكان على يعقوبويوحنا ان يشاركا سيدهما في احتمال الألم- فقد قضي على احدهما بأن يموت قتلا بالسيفبعد قليل ، اما الآخر فقد كان اطول التلاميذ عمرا في اتباع سيده في العمل والخدمةواحتمال العاروالاضطهاد. واستطرد المخلصيقول : «واما الجلوس عن يمينيوعن يساري فلس لي ان اعطيهالا للذين اعد لهم من ابي» ( متى 20 : 21 — 23).AR 492.1

    لقد فهم يسوعالباعث الذي حفز ذينك التلميذين لتقديم ذلك الطلب وهكذا وبخ كبريائهما وطموحها . فقال «ان رؤساء الامم يسودونهم ، والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذافيكم . بلمن اراد ان يكون فيكم عظيمافليكنلكمخادما ،ومن اراد ان يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا ، كما ان ابن الانسان لميأت ليخدم بل ليخدم، وليبذلنفسه فدية عن كثيرين» ( متى 20 : 25-28).AR 492.2

    في ملكوت اللهلاينالالمركز عن طريق المحاباة . كلا ولاينالبالاستحقاق ، ولايحصلالانسان عليه عن طريق منحة اعتباطية , ولكنه نتيجة الخلق . فالاكيليلوالعرش هوما علامات لحالة بلغها الانسان- علامات قهر الذات بواسطة نعمةربنا يسوع المسيح . AR 492.3

    وبعد ذلك بوقت طويل عندما دخل يوحنا في نطاق التعاطف والشعور مع المسيح عن طريق شركة آلامه ، اعلن له الرب يسوع الشرط الذي بموجبه يصير قريبا من ملكوته . فقال المسيح : «من يغلب فسأعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا وجليست مع ابي في عرشه» ( رؤيا 3 : 21 ). ان الذي يقف قريبا جدا من المسيح هو ذلك الذي قد شرب فارتوي من روحه التي هي روح المحبة المضحية — المحبة التي «لاتتفاخر ولا تنتفخ ... ولاتطلب مالنفسها ، ولاتحتد ، ولاتظن السؤ» ( 1 كورنثوس 13 : 4 ، 5 )ز المحبة التي تحرك التلميذ كما قد حركت سيدنا لأن يقدم الكل ويعيش ويخدم ويضحي حتى الموت لأجل خلاص البشرية .AR 492.4

    وفي مرة أخرى اثناء الخدمات الكرازية الاولى ، تقابل يعقوبويوحنا مع رجل كان يخرج شياطين باسم المسيح مع انه ام يكن تابعا له معترفا به . وقد منع هذاالتلميذان ذلكالرجالمن مزاولة هذا العمل ، وكان يظنان انهما كانا على صواب فيما فعلا , ولكن عندما بسطا المسألة امام المسيح وبخهما بقوله: «لاتمنعوه ، لأنه ليس احد يصنع قوة باسمي ويستطيع سريعا ان يقول على شرا» ( مرقس 9 : 39 ) . فما كان ينبغي ان يصد احد ممن برهنوا على صداقتهم ومحبتهم للمسيح بأيى طريقة ,. ينبغيان يصد احد ممن برهنواعلى صداقتهم ومحبتهم للمسيح بأي طريقة . ينبغي الا يضمر التلاميذ أي روح ضيقة او تزت ان انطوائية بل عليهم ان يظهرو نفس روح العطف البعيدة المدى التي قد رأوها في معلمهم . كان يعقوب ويوحنا يظنان انهما اذ صدا الرجل كان يضعان في اعتبارهما كرامة الربن ولكنهما بدءا يريان انهما انما كانا يغاران على كرامتهما الذاتية. وقد اعترفا بخطئهما وقبلا التوبيخ.AR 493.1

    ان تعاليم المسيح التي اوضحت ان الوداعة والتواضع والمحبة جوهرية لاجل النمو في النعمة والاهلية لخدمته كانت لها قيمة عظيمةا جدا في نظر يوحنا. لقد اختزن في عقله وقلبه كل درس وحاولان يجعل حياته في حالة توافق وانسجام مع المثال الالهي . فبدأ يوحنا يميز مجد المسيح — لا الابهة والسلطان الارضيين اللذين كان قد تعلم ينتظرهما ويصبو اليهما.، بل «مجدا كما لوحيد من الآب ، مملوءا نعمة وحقا» ( يوحنا 1 : 14).AR 493.2

    ان محبة يوحنا العميقة الملتهبة لسيده لم تكن هي سبب محبة المسيح له ولكنها كانت نتيجة تلك المحبة . كان يوحنا يتوق لأن يكون كالمسيح، وتحت قوة محبته المغيرة صار وديعا ومتواضعا . لقد اختفت الذاتب في يسوع وتفوق يوحنا على زملائه في كونه سلم نفسه لقوة تلك الحياة العجيبة. وهاهوا يقول : «فإن الحياة اظهرت ، وقد رأينا» «ومن ملئه نحن جميعا اخذنا ، ونعمة فوق نعمة» ( 1 يوحنا 1 : 2 ، يوحنا 1 : 16). لقد عرف يوحنا المخلص معرفة اختبارية . ونقشتتعاليم سيده على قلبه ونفسه . وعندما شهد عن نعمة الملخص فإن لغته البسيطة كانت فصيحة بفضل المحبة التي تغلغلت في كل كيانه. AR 493.3

    ان تلك المحبة العميقة التي كان يوحنا يكنها للمسيح قادته الى ان يشتهى القرب منه دائما . لقد احب المخلص تلاميذه الاثنى عشر كلهم.، ولكن روح يوحنا كانت اكثر قبولا واستجابة من الجميع. كان اصغر سنامن الباقين وقد فتح قلبه ليسوع بثقة كثقة الاطفالاكثر من الباقين. وهكذا صار في حالة عطف وتقارب مع المسيح، ووبواسطته ابلغت للشعب اعمق التعاليم الروحية التي نطق بها المخلص.AR 494.1

    ان يسوع يحب أولئك الذين يمثلون الآب ، وقد امكن ليوحنا ان يتحدث عن محبة الآب أكثر مما استطاع باقي التلاميذلقد اعلن لبني جنسه ما قد احس بهفي نفسه مجسدا في خلقه صفات الله . لقد انعكس مجد الرب على وجهة. وجمال القداسة الذي قد غيره اضاه ببهاء كبهاء المسيحمن وجهه. وفي تعبد وحب رأى المخلص الى ان صار التشبه بالمسيح والشركة معه رغبته وشوق قلبه الوحيد . وقد انعكست صفات سيده في شخصه.AR 494.2

    وقد قال : «انظروا أية محبة اعطانا الآب حتى ندعى اولاد الله .. ايها الاحباءالان نحن اولا الله ، ولم يظهر بعد ماذا سنكون .ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله. لأننا سنراه كما هو» ( 1 يوحنا 3 : 1 ، 2 ).AR 494.3

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents