Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    ٥ - الرجاء الزائف

    إن تعليم الخلود الطبيعي للنفس، الذي أخد أولا عن الفلسفة الوثنية وفي ظلمة الارتداد العظيم أدخل إلى العقيدة المسيحية وقد احتل مكان الحق الذي علم به الكتاب بكل وضوح والقاتل أن “الموتى لا يعلمون شيئاْ” (جامعة 5:9). فجماهير كثيرة من الناس يعتقدون أن أرواح الموتى هي “الأرواح الخادمة المرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عبرانيين 14:1).GrH 46.1

    إن عقيدة عودة أروح الموتى لتخدم الأحياء قد مهد الطريقة أمام عقيدة مناجاة الأرواح العصرية. فإذا كان الموت يمتازون بمعرفة تفوق كثيراً ما كان لهم من قبل فلماذا إذاً لا يعودون إلى الأرض لإنارة الأحياء وتعليمهم؟ وإذا كانت أرواح الموتى تحوم حول أصدقائهم على الأرض فلماذا لا يتصلون بهم؟ وكيف يستطيع الذين يعتقدون بإحساس الإنسان عند الموت أن يرفضوا ما يأتيهم على أنه “نور إلهي”إذ يصل إليهم بواسطة الأرواح الممجدة؟ هنا قناة تعتبر مقدسة، لكن الشيطان يتوسلها لإتمام إغراضه.فالملائكة الساقطون الذين ينفذون أمره يبدو كأنهم رسل قادمون من عالم الأرواح.GrH 46.2

    ان الشيطان سلطانا أن يُرِى الناس أشباه اصدقائهم الراحلين. وان التزييف او التقليد كامل الاتقان، فالنظرة المألوفة والكلام والنغمة التي ينطق بها تنسخ وتمثل بدقة عجيبة. وكثيرون يتعزون بيقين كون احبائهم متمتعون بسعادة السماء، ومن دون أن يشكوا في وجود خطر يصغون إلى “أرواح مضلة وتعاليم الشيطان” (1تيموثاوس 1:4).GrH 46.3

    فالذين نزاوا إلى قبورهم يدءون بأنهم سعداء في السماء وأن لهم مراكز سامية هناك. ان اولئك الادعياء القادمين من عالم الارواح ينطقون احيانا بإنذارات وتحذيرات يتبرهن انها صحيحة. فمتىوثق بهم مشاهدوهم فهم حينئذ يقدمون تعاليم تقوض الايمان بالكتاب على نحو مباشر. وحقيقة كونهم يقررون بعض الحقائق ويستطيعون احيانا إنباءهم بحوادث عتيدة تضفي على تصريحاتهم مظهر الوثوق واليقين فَتُقْبَل. وهكذا يلقي الناس بشرعية الله جانباً ويزدرون بروح النعمة. إن الأرواح تنكر ألوهية المسيح بل تجعل الخالق نفسه في مستواها.GrH 47.1

    ولكن مع حقيقة كون نتائج الاحتيال هذه كثيراً ما صورت على أنها ظهورات حقيقية لوحظت أيضاً بعض مظاهر قوة فائقة الطبيعة. وكان ذلك هو عمل الملائكة الأشرار المباشر. إن كثيرين يعتقدون أن مناجاة الأرواح هي مجرد خدعة بشرية. فمتى وقفوا وجهاً لوجه أمام ظهورات لم يسعهم إلا أن يعتبروها مظاهر خارقة فسينخدعون وسينتهون إلى الاعتقاد أنها قوة الله العظيمة.GrH 47.2

    فبمساعدة الشيطان استطاع سحرة فرعون أن يزيفوا عمل االله. (انظر خروج 10:7- 12). وها هو بولس يعلن أن المجيء الثاني للمسيح سيسبق بـ “عمل الشيطان بكل قوة وآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم” (2تسالونيكي 9:2و 10). ويعلن الرسول يوحنا قائلاً “ويصنع آيات عظيمة حتى أنه يجعل نادراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطي أن يصنعها” (رؤيا 13:13و 14).فالذي أنبيء به هنا ليس هو مجرد احتيال. فالناس ينخدعون بالآيات التي يستطيع أعوان الشيطان أن يصنعوها لا بما يتظاهرون يعمله.GrH 47.3

    مناشدة العقل- فرجال العلم والثقافة والتهذيب يقدم اليهم ضلالة مناجاة الارواح في مظاهرها العقلية والعلمية المهذبة. وهو يبهج المخيلة بمناظر مذهلة ويحث العواطف بتصويراته المنطقية البليغة المحبة والاحسان. وهو يثير الخيال الي نزوات عالية جاعلا الناس يفتخرون بحكمتهم اذ انهم في اعماق قلوبهم يحتقرون الاله السرمدي.GrH 48.1

    يغوي الشيطان الناس الآن كما قد أغوى حواء في عدن بتملقاته، وبإثارة الطموح نحو تعظيم الذات. وقد أعلن قائلاً: “تكونان كالله عارفين الخير والشر” (تكوين 5:3). إن مناجاة الأرواح تُعلِّم أن “الإنسان هو خليقة التقدم نحو الألوهة”.ثم يقولون أيضاً “والحكم سيكون صائباً لأنه حكم الذات... إن العرش هو في داخلك”. كما يعلن آخر قائلاً: “أي كائن عادل كامل فهو المسيح”.GrH 48.2

    وهكذا وضع الشيطان طبيعة الإنسان نفسه، الشريرة المخطئة، كالموضع الوحيد للحكم. هذا هو التقدم إلى اسفل لا إلى أعلى. والانسان لن يستطيع ان يرتفع او يسمو فوق النموذج الذي اتخذه لنفسه. نعمة الله وحدها هي التي تستطيع أن تسمو بالإنسان. فإذا كانت الذات هي مثله الاعلى فلن يبلغ الى ما هو اسمى من ذلك. بل سينحدر بالجري الي الدرك الأسفل .GrH 48.3

    استمالة محبي اللذات- تقدم عقيدة مناجاة الارواح نفسها الي المنغمس في الملذات ومحب المسرات والشهواني متخفيَّة تحت قناع أقل احتيالا ودهاء. وفي اشكالها الاكثر سماجة يجدون ما يتفق مع ميلهم. ان الشيطان يلاحظ الخطايا التي يميل كل فرد الي ارتكابها، وحينئذ يحرص على توفير الفرص لإشباع ذلك الميل. وهو يجرب الناس للإفراط في ما هو مشروع في ذاته. وبذلك يُضعف قواهم الجسمانية والعقلية والادبية. لقد أهلك وما زال يهلك آلافا من الناس بواسطة الانغماس في الشهوات، وهكذا يجعل كل طبيعة الإنسان بهيمية. ولكي يتمم عمله يعلن عبر الأرواح أن “المعرفة الحقيقية تجعل الإنسان في وضع أرفع منكل الشرائع” وأن “ما يكون هو صواب” وأن “الله لا يدين” وأن “كل الخطايا التي ترتكب هي بريئة”. وعندما ينساق الناس الي الاعتقاد ان الرغبة هي اسمى قانون، وان الحرية هي الإباحية وان الانسان مسؤول امام نفسه فقط فمن ذا الذي يستغرب عندما يتكاثر الفساد والانحطاط في كل مكان؟ ان جماهير كثيرة من الناس يتقبلون بكل شغف التعاليم التي تترك لهم حرية إطاعة ايحاءات قلوبهم الشهوانية. ويوقع الشيطان في شبكته آلافاً ممن يعترفون بأنهم أتباع المسيح.GrH 49.1

    لكن قد أعطى الله العالم نورا كافيا به يستطيع الناس ان يكتشفوا الشرك. إن مناجاة الارواح هي في حال حرب مع أبسط اقوال الكتاب. فالكتاب يعلن ان الموتى لا يعلمون شيئا وان افكارهم قد هلكت وان لا نصيب لهم في أفراح وأحزان من هم على الأرض.GrH 49.2

    الاتصال الممنوع- وأكثر من هذا فقد نهى الله نهياً صريحاً عن كل ادعاء بالاتصال بأرواح الراحلين. ف “أرواح العرافة”، كما كان يدعى القادمون من العوالم الأخرى، يصفها الكتاب ب “أرواح شياطين” (انظر سفر العد 1:25- 3؛ مزمور 28:106؛ 1كورنثوس 20:10؛ رؤيا 14:16). إن عمل التعاطي مع أرواح العرافة حُكِم عليه بأنه رجس أمام الرب وقد نُهي عنه نهياً قاطعاً تحت قصاص الموت (لاويين 31:19؛ 27:20). لكنّ مناجاة الارواح والتي شقت لنفسها طريقا في الاوساط العلمية وغزت الكنائس ووجدت قبولا من الهيئات التشريعية وحتى في بلاط الملوك. هذه الخدعة الهائلة إِنْ هي إلاَّ انتعاش في زي جديد للعرافة المحكوم عليها والمنهي عنها منذ القدم.GrH 49.3

    فإذ يصورون أرذل الناس على أنهم في السماء فالشيطان يقول للعالم: “لا يهم، سواء أكنتم تؤمنون بالله والكتاب أم كنتم تكذبونهما، عيشوا كما يحلو لكم فالسماء هي موطنكم”. وقد قالت كلمة الله: “ويل للقائلين الشر خيراً وللخير شراً الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً” (إشعياء 20:5).GrH 50.1

    تصوير الكتاب المقدس على أنه مجرد أوهام — يصوَّر الرسل الذين تقلدهم هذه الارواح الكاذبة كمناقضين لما قد كتبوه حين كانوا عائشين على الارض. ويوعز الشيطان الي العالم بأن الكتاب المقدس مجرد اوهام، او على الاقل لا يصلح للجنس البشري إلا في ايام طفولته الاولى، اما الآن فيجب ان يستخف به او يلقى به جانبا كما لو كان شيئا مهملا. فيضع في الظل الكتاب الذي سيدينه وتابعيه وأعوانه. وهو يجعل مخلص العالم لا يزيد عن إنسان عادي.يحاول من يؤمنون بالإعلانات الروحانية ان يجعلوا الامر يبدوا كما لو انه لا يوجد شيء عجائبي في ظروف حياة مخلصنا. ويعلنون ان معجزاتهم تفوق معجزات المسيح بمراحل.GrH 50.2

    إن مناجاة الأرواح تغير الآن شكلها وتبدو في هيئة مسيحية. لكن تصريحاتها وتعاليمها لا يمكن إخفاؤها أو إنكارها. وحتى في شكلها الحاضر هي أبعد، بل هي أشد خطراً لكونها أعظم خبثاً وخداعاً. فهي الآن تعترف بقبول المسيح والكتاب المقدس. لكنّ الكتاب يُفسَّر بطريقة تسر القلب غير المتجدد وترضيه. فالمحبة تعتبر أعظم صفات الله لكنها تنحط لتصبح رقة وعواطف ضعيفة. ثم ان عدل الله، وذمَّة الخطيئة، ومطالب شريعته المقدسة كلها تُقْصى بعيدا عن الأنظار. والخرافات تجعل الناس يرفضون الكتاب كأساس لإيمانهم.وفي الواقع يُنكر المسيح كما من قبل، لكنّ لا يفطن أحد الى الخدعة.GrH 51.1

    قليلون هم الذين لديهم أي ادراك عادل لقوة بدعة مناجاة الارواح الخادع وكثيرون يتحرشون بها لمجرد اشباع فضولهم. وهم يمتلئون فرعا ورعبا لمجرد فكرة اخضاع انفسهم لسيطرة الروح. لكنهم يجازفون بالدخول الي الارض الحرام. وهنا يستخدم المهلك الجبار قوته وسلطانه معهم على رغم ارادتهم. فلو أمكن استمالتهم مرة لإخضاع عقولهم لتوجيهه فهو سيأسرهم. ولا شيء غير قدرة الله التي تمنح اجابة لصلاة الايمان الحارة يستطيع ان ينقذ هذه النفوس التي علقت في الفخ.GrH 51.2

    إن كل من لهم نوازع خاطئة في أخلاقهم يرحبون بتجارب الشيطان. فهم يفضلون أنفسهم عن الله ورعاية ملائكته وحراستهم ومجردين من وسائل الدفاع.GrH 51.3

    “وَإِذَا قَالُوا لَكُمُ: اطْلُبُوا إِلَى أَصْحَابِ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ الْمُشَقْشِقِينَ وَالْهَامِسِينَ. أَلاَ يَسْأَلُ شَعْبٌ إِلهَهُ؟ أَيُسْأَلُ الْمَوْتَى لأَجْلِ الأَحْيَاءِ؟ إِلَى الشَّرِيعَةِ وَإِلَى الشَّهَادَةِ. إِنْ لَمْ يَقُولُوا مِثْلَ هذَا الْقَوْلِ فَلَيْسَ لَهُمْ فَجْرٌ!” (إشعياء 19:8و 20).GrH 51.4

    فلو كان الناس راغبين في قبول الحق قيما يتعلق بطبيعة الإنسان وحالة الموتى لرأوا في إدعاءات بدعة مناجاة الأرواح وإعلاناتها عمل الشيطان بقوة وبآيات وعجائب كاذبة. ولكن جماهير كثيرة من الناس يغمضون عيونهم في حين أن الشيطان ينسج أشراكه حولهم. “لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا ولأجل هذا سيرسل إليهم الضلال حتى يصدقوا الكذب” (2تسالونيكي 10:2و 11).GrH 52.1

    إن الذين يقاومون تعاليم عقيدة مناجاة الأرواح يهاجمون الشيطان وملائكته. ولن يتخلى الشيطان عن موقع قدم من أرضه إلا إذا كانت قوة رسل السماء تصده وتطرده. والشيطان يستطيع أن يقتبس الآيات الكتابية الآن كما في إيام المسيح. وهو سيحرف تعاليم الكتاب. فالذين يريدون الثبات والصمود في هذا الوقت الخطِر ينبغي لهم أن يفهموا شهادة الكتابة لأنفسهم.GrH 52.2

    فهم الحق الكتابي - إن أرواح الشياطين وهي تقلد أقرباءنا أو أصدقاءنا الأحباء سيلجؤون إلى أرق عواطفنا ويصنعون عجائب لدعم ادعاءاتهم. فعلينا أن نتأهب للصمود أمامهم بقوة الحق الكتابي القائل أن الموتى لا يعلمون شيئاً، وإن الذين يظهرون هكذا إن هم إلا أروح شياطين.GrH 52.3

    فكل الذين ليس إيمانهم ثابتاً ولا مؤسساً على كلمة الله سينخدعون ويغلبون. فالشيطان سيعمل “بكل خديعة الإثم” وستزيد مخاتلاته باستمرار. لكن الذين يطلبون معرفة الحق ويجتهدون في تطهير أنفسهم بالطاعة سيجدون في إله الحق حصناً قوياً وملاذا أميناً. إن المخلص يسرع بإرسال كل ملاك من ملائكة السماء لحراسة شعبه ولا يترك نفساً واحدة متكلة عليه تهزم أمام الشيطان. وإن أولئك الذين يعزون أنفسهم بيقين كاذب بأنه لن يكون هنالك قصاص يقع على الخاطئ إنما يرفضون الحقائق التي اعدتها السماء لتكون حصنا للأبرار في يوم الضيق ويقلبون ملجأ الاكاذيب الذي يقدمه اليهم الشيطان بدلا منه، أي ادعاءات مناجاة الارواح الكاذبة.GrH 52.4

    والمتشككون والساخرون يهزؤون بإعلانات كتاب الله عن تدبير الخلاص والجزاء العادل الذي سيحل بكل من يرفضون الحق. انهم يتصنعون الاشفاق العظيم على العقول الضيقة الضعيفة المتعلقة بالخرافات الي حد الاعتراف بمطالب الله وإطاعة مقتضيات الشريعة لقد سلموا للمجرب تسليماً كاملا واتحدوا معه اتحادا وثيقا، وقد تشربوا روحه تماما بكل اتقان بحيث لم تبق فيهم قوة ولا ميل عندهم للتخلص من أشراكه.GrH 53.1

    وكان أساس عمل الشيطان هو التأكيد الذي قدمه إلى حواء: “يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان مثل الله عارفين الخير والشر” (تكوين 4:3و 5).لكن الشيطان سيصل إلى تحقيق أغراضه كاملة في الوقت الباقي. والنبي يقول: “رأيت ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع. فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم يوم الله القادر على كل شيء” (رؤيا 13:16و 14).GrH 53.2

    وباستثناء المحفوظين بقوة الله وبالإيمان بكلمته فالعالم كله سينساق وينحاز الى صفوف هذا الضلال. والناس يركنون بسرعة الى طمأنينة كاذبة ليوقظهم غضب الله الذي ينسكب عليهم.GrH 53.3

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents