قليلون هم الذين يقدرون امتياز الصلاة الثمين حق قدره, ويستفيدون منه بالطريقة الصحيحة. ينبغي أن نمضي إلى يسوع ونخبره بكل احتياجاتنا, بإمكاننا أن نأتي إليه بهمومنا ومربكاتنا الصغيرة وبضيقاتنا الكبري أيضا. وينبغي أن نحضر أمام الرب بالصلاة كل ما يعكر صفونا أو يضايقنا. ويحن نشعر أننا محتاجون إلى حضور المسيح في كل خطوة نخطوها لا يبقى للشيطان كبير فرصة لتجريبنا. إن جهده المدروس هو أن يبقينا بعيدين عن صديقنا الأفضل والأود. ينبغي ألا نتخذ غير المسيح موضعا لسرنا, وله نقدر أن نكشف كل مكنونات صدورنا, آمين. CCA 555.1
أيها الإخوة والأخوات حين تجتمعون للعبادة, آمنوا أن يسوع يجتمع معكم وأنه يريد أن يبارككم. حولوا نظركم عن الذات, والتفتوا إلى يسوع, وتدثوا عن محبته التي لا تبارى, لأنكم بالنظر إليه تتغيرون إلى شبهه. وحين تصلون لتكن صلاتكم مختصرة وسديدة. لا تلقوا على الرب موعظة بصلواتكم الطويلة. اطلبوا منه خبز الحياة كما يطلب الولد الجائع الخبز من أبيه الأرضي, وسيسكب الله علينا كل بركة نحاتاجها إن كنا نطلبها منه ببساطة وإيمان. أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار “ ( 1 يوحنا 2 :1 ). كل خطية هي مغيظة لله, ويجب الإعتراف بها علنا, والإساءة إلى الغير ينبغي إصلاحها مع من أسلفت إليهم. وإذا كان أي من طالبي الصحة مذنبا بالتكلم بالسوء, وإن كان أي من طالبي الصحة مذنبا بالتكلم بالسوء, وإن كان قد زرع خصومات في البيت أو الجيرة أو الكنيسة, وهيج النفور وأثار النزاع, وإن كان, بسبب أي تصرف خاطيء, قد جر آخرين إلى الخطية, فينبغي أن يعترف بهذه الأمور كلها أمام الله وأمام الذين لحقت بهم الإساءات ” ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم “ ( 1 يوحنا 1 : 9 ). CCA 555.2
حين تصلح الأخطاء يصبح في إمكاننا تقديم حاجات المرضى إلى الرب بإيمان هاديء حسب إرشاد روحه. هو يعرف كل فرد بإسمه ويعتني بكل واحد كما لو كان هو الوحيد على الأرض الذي من أجله بذل ابنه الحبيب. وحيث أن محبة الله هكذا عظيمة وهكذا مستعدة للإغاثة ينبغي أن يتشجع المرضى على الإتكال عليه ويكونوا مستبشرين. أما قلقهم على أنفسهم فيؤول إلى الضعف والمرض. وإذا كانوا يرتفعون فوق الغم والكآبة وإنقباض النفس لتأكد شفاؤهم بالأكثر, لأن ” عين الرب على ... الراجين رحمته “ ( مزمور 33 : 18 ). CCA 556.1
وفي الصلاة لأجل المرضى ينبغي أن نتذكر أننا ” لسنا نعلم ما نصلي لأجله “ ( رومية 8 : 26 ) لا ندري هل ستكون البركة التي نرغب فيها هي الفضلى أم لا, لذلك ينبغي أن تتضمن صلواتنا هذه الفكرة : ” أيها الرب, أنت تعلم أسرار النفس كلها, أنت تعرف هؤلاء الأشخاص. إن يسوع الذي هو شفيعهم, قد بذل حياته لأجلهم, ومحبته لهم أعظم مما يمكن أن تبلغه محبتنا نحن لهم, فإن كان شفاء هؤلاء المتألمين هو لمجدك ولخيرهم فإنا نسألك, بإسم يسوع, أن تمن عليهم بالشفاء, وإن لم تشأ إرادتك ذلك فإنا نسألك أن تعزيهم بنعمتك وتعضدهم بحضورك معهم في آلامهم “. CCA 556.2
يعلم الله النهاية منذ البداية, ويعرف قلوب البشر جميعا, ولا يخفي عليه سر من أسرار النفس. يعلم هل سيقوى هؤلاء الأشخاص الذين قدمت لأجلهم الصلاة, أو لا يقوون, على احتمال ما سيأتي عليهم من ضيقات لو عاشورا, كما يعلم هل ستكون حياتهم بركة أو لعنة لأنفسهم وللعام. هذا أحد الأسباب التي تجعلنا, ونحن نسكب تشرعاتنا بحرارة, أن نقول : ” ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك “ ( لوقا 22 : 42 ). أن هذه الكلمات من التسليم لحكمة الله وشيئته قد أضافها يسوع إلى صلاته في بستان جشيماني حين تضرع : ” يا أبتاان أمكن فتعتبر عني هذه الكأس “ ( متى 26 : 39 ). فإن كان هذا القول لائقا به, وهو ابن الله, فكم بالحري يجدر بنا نحن البشر الفانين ان نتلفظ به بالأكثر ! CCA 557.1
والشيء المناسب هو ان نسلم رغباتنا لأبينا السماوي الكلي الحكمة, ثم بطاعة تامة نكل إليه الكل. نعلم إن الله يستمع لنا ان سألنا حسب اراداته, اما اصعاد تضرعاتنا بلجاجة بروح غير منسحقة فليس صوابا, وإنما يجب أم تتخذ صلواتنا لا شكل الأمر, بل التشفع. CCA 557.2
هناك حالات يظهر الله فيها قوته الشافية بصورة جازمة, ولكن ليس كل المرضى ينالون الشفاء. بعضهم يتركون ليرقدوا في يسوع. لقد أمر يوحنا في جزيرة بطمس أن يكتب ” طوبي للأموات الذين يموتون في الرب منذ الأن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم. وأعمالهم تتبعهم “ ( رؤيا 14 : 13 ). من هذا نرى أنه ان كان البعض لا ينالون الشفاء فينبغي عدم الحكم عليهم بسبب ذلك أنهم ناقصون في الإيمان. CCA 558.1
جميعنا نرغب في أن تستجاب صلواتنا بسرعة ومباشرة, ونتعرض للفشل حين تؤخر الإستجابة أو تأتي بشكل لم نتوقعه. غيرأن الله أحكم وأصلح من ان يجيب صلواتنا دائما في تمام الوقت وعين الطريقة اللذين نرغب فيهما. فهو يعمل لنا أكثر وأفضل من تحقيق رغباتنا كلها. وحيث أننا نقدر أن نتكل على حكمته ومحبته لذا ينبغي ألا نسأله أن ينسجم مع إرادتنا بل نسعى لمعرفة قصده وإتمام مشيئته. ينبغي أن تتوارى رغائبنا وميولنا في إرادته. أما الإختبارات التي تمتحن إيماننا فهي لخيرنا, بها يظهر أن كان إيماننا صادقا ومخلصا وقائما على كلمة الله وحدها, أو متوقفا على الظروف ومترددا متقلبا. بالإختبار يتقوى الإيمان, فيجب أن ندع الصبر يعمل عمله الكامل, متذكرين أن في الكتاب المقدس مواعيد ثمينة للمنتظرين الرب. CCA 558.2
ليس الجميع يفهمون هذه المباديء, بل كثيرون ممن ينشدون رحمة الله الشافية يظنون أن صلواتهم يجب أن تستجاب في الحال, وإلا كان إيمانهم عائبا. لهذا السبب يحتاج الذين أضعفهم المرض أن يشار عليهم بحكمة أن يتصرفوا بحسن تقدير. ينبغي ألا يستخفوا بواجبهم نحو الأصدقاء الذين ربما بقوا أحياء بعدهم, أو يهملوا استعمال وسائل العلاج الطبيعية لإستعادة الصحة. CCA 558.3
أحيانا كثيرة يمكن هنا خطر الوقوع في خطأ, فالبعض, إذ يعتقدون أنهم سيشفون استجابة لصلاتهم, يخشون عمل أي شيء قد يبدو دليلا على عدم الإيمان. ولكن ينبغي لهم ألا يهملوا وضع امورهم في نصابها بالرغبة التي يمكن أن يبدوها في حال توقعهم الموت, كما ينبغي ألا يخشوا النطق بكلمات التشجيع والنصح التي يرغبون في التكلم بها إلى أحبائهم في ساعة الفراق. CCA 559.1
ينبغي للذين ينشدون الشفاء بالصلاة ألا يهملوا الإستفادة من الوسائل العلاجية التي هي في متناول أيديهم. ليس من التنكر للإيمان أن يستعملوا مثل هذه العلاجات التي أعدها الله لتلطيف الألم ومساعدة الطبيعة في عملها الشافي. وليس من التنكر للإيمان أن يتعاونوا مع الله, ويجعلوا أنفسهم في أحسن وضع يتيح لهم البرء. لقد يسر الله لنا معرفة نواميس الحياة, وجعل هذه المعرفة في متناول أيدينا لنستعملها. فينبغي أن نستفيد من كل التسهيلات لإستعادة الصحة, ونتخذ كل خطوة ممكنة, عاملين في إنسجام مع النواميس الطبيعية, وإذ نكون قد صلينا لأجل شفاء المرضى نستطيع أن نعمل بنشاط أوفر, شاكرين الله على ما لنا من إمتياز التعاون معه, وطالبين حلول بركته على الوسائل التي قد أعدها هو. CCA 559.2
إن كلمة الله تجيز استعمال الوسائل العلاجية. كان حزقيا, ملك إسرائيل, مريضا فجاءه نبي الله ينبئه بحلول أجله, أما هو فقد صرخ إلى الرب, والرب استمع لعبده, وأرسل يقول له أنه زاد على أيامه خمس عشرة سنة. إن كلمة واحدة من الله كانت كافية لتشفيه في الحال, غير أن تعليمات خاصة فد أعطيت : ” ليأخذوا قرص تين ويضمدوا على الدبل فيبرأ “ ( اشعياء 38 : 21 ). CCA 560.1
بعد أن نصلي لأجل المرضى, فأيا تكن النتائج يجب ألا نفقد الإيمان بالله. وإذا لم يكن بد من فقد عزيز لنا فلنقبل الكأس المرة متذكرين أن يد اب تضعه على ضفاهنا, ولكن ان حصل الشفاء فينبغي ألا ننسى أن من نال رحمة الشفاء قد ارتبط مع الخالق بعهد مجدد. حين شفى يسوع العشرة برص, واحد منهم فقط رجع إليه ليعطيه مجدا. فلا يكونن أي منا كالتسعة الباقين الطائشين الذين لم تمسس رحمة الله قلوبهم. ” كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران “ ( يعقوب 1 : 17 ). CCA 560.2
سلسلة روح النبوة — الربع الثالث, 1961 — الدرس الثاني عشر مأخوذة من كتاب ” ارشادات للكنيسة “ بقلم : الأخت ألن هوايت .طبع في دار الشرق الأوسط للطبع والنشر جميع الحقوق محفوظة CCA 560.3