إنه لأفظع تصلف أن يتجرأ الإنسان الفاني على مساومة الكلي القدرة سعيا لتحقيق مصالحه الزمنية الخاصة المحببة إليه. إن القيام بالأعمال الدنيوية أحيانا أو اتفاقا في السبت هو نقض للناموس لا يقل في شناعته عن رفض السبت كليا, لأن ذلك يجعل من وصايا الرب مسألة مناسبات.إن صوت الله يأتي من سيناء منذرا : ” أنا الرب إلهك إله غيرو “. ليس من طاعة أو إهتمام جزئيين يمكن أن يقبلهما ذاك الذي أعلن أن ذنوب الآباء ستفتقد في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيه, وإنه يصنع احسانا إلى ألوف من محبيه وحافظي وصاياه. ليس بالأمر البسيط أن يسلب الإنسان قريبه. وما أشنع وصمة العار التي تلصق بمرتكب فعلة كهذه, ومع ذلك فالذي لا يتورع عن أن يغدر بأخيه الإنسان سيقدم, دون حياء, على سلب الآب السماوي الوقت الذي قد باركه وأفرزه لقصد خاص. CCA 587.3
ينبغي التحفظ في ما نقوله ونفتكر به, أما الذي يتباحثون في مسائل تجارية ويضعون خططا في السبت فإن الله يعتبرهم وكأنهم قد عقدوا صفقات تجارية بالفعل. فلكي نقدس السبت ينبغي ألا نسمح حتى لعقولنا بالتفكير في الأمور ذات الطابع الدنيوي. CCA 588.1
لقد تكلم الله, وهو يعني وجوب طاعة الإنسان, ولا يتساءل هل هو مناسب للإنسان أن يفعل كذا. إن رب الحياة والمجد لم يستشر راحته أو مسرته حين ترك مقامه السامي ليصير رجل أوجاع ومختبر الحزن ويقبل العار والموت في سبيل أن ينقذ الإنسان من عاقبة تعديه. مات يسوع, لا ليخلص الإنسان في خطاياه, بل منها, ليحمل صليبه ويتبعه, منكرا نفسه وطائعا الله بأي ثمن. CCA 588.2
الظروف ليست مبررا يجيز لأحد الإشتغال في السبت سعيا وراء الربح المادي, فإذا عذر الله انسانا واحدا, فهو يعذر الكل. لماذا لا يمكن الأخ ل , وهو رجل فقير, ان يعمل في السبت ليكسب مالا يؤمن معيشته فيصبح إذ ذاك أقدر على إعالة أسرته ؟ لماذا لا يمكن آخرون, أو جميعنا, حفظ السبت حين يكون حفظه مناسبا فقط؟ ان الصوت من سيناء هو يجيب : ” ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك. وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك ” ( خروج 20 : 9 و 10 ). CCA 589.1
ان سنكم لا تعفيكم من إطاعة الوصايا الإلهية. لقد جرب ابراهيم بشدة في شيخوخته, وبدت كلمات الرب مخيفة وغير لازمة لذلك الشيخ المهدم, إلا أنه مع ذلك لم يشك إطلاقا في عدالتها, ولا تردد في إطاعتها. كان بإمكانه أن يتوسل بأنه متقدم في الأيام وضعيف, ولا يسعه التضحية بذلك الإبن الذي كان بهجة حياته. كان بإستطاعته أن يذكر الرب بأن ذلك المطلب مناقض للمواعيد التي أعطاها بشأن هذا الإبن, غير أن طاعة ابراهيم كانت بلا تذمر أو ملائمة, كانت ثقته بالله وطيدة. CCA 589.2
ينبغي لخدام المسيح أن يوبخوا الذين لا يذكرون السبت ليقدسوه. ينبغي لهم بلطف ووقار أن يوبخوا الذي ينخرطون في أحاديث دنيوية في السبت ويدعون في الوقت نفسه أنهم سبتيون. عليهم أن يشجعوا على العبادة لله في يومه المقدس. CCA 589.3
ينبغي ألا يشعر أي كان بحرية انفاق الأوقات المقدسة بطريقة غير مجدية. انه أمر مغيظ لله أن يقضي السبتيون في النوم الكثير من ساعات السبت, فهم بذلك يهينون خالقهم, ويعلمون الآخرين بمثالهم أن الستة الأيام الباقية أثمن لديهم من أن تصرف في الراحة. إنهم بحاجة إلى كسب المال, حتى وإن كانوا في ذلك يسلبون أنفسهم ما هم بحاجة إليه من راحة يعوضونها بالنوم في وقت مقدس, ثم يعذرون أنفسهم بقولهم : ” السبت إنما جعل يوم راحة, فلا أحرمن نفسي الراحة لأحضر الإجتماع, لأني محتاج إلى الراحة ” هؤلاء يسيئون التصرف في اليوم المقدس. ينبغي لهم, في هذا اليوم خاصة, أن يرغبوا عائلاتهم في حفظه ويجتمعوا في بيت الصلاة مع القليلين أو الكثيرين كما تكون الحال. وينبغي لهم أن يكرسوا وقتهم وطاقاتهم للرياضة الروحية حتى يلازمهم طيلة الإسبوع التأثير الإلهي الحال في يوم السبت. فمن بين أيام الإسبوع كلها ليس كالسبت من يوم ملائم للتأملات الروحية والمشاعر التعبدية. CCA 589.4