ان لتواریخ الحیاة فی الکتاب درس اسمی عن خدمة الحزن الذين يحبون الله والذين هم «مدعوون حسب قصده» ( رومیة ۸ : ۲۸) ,«انتم شهودي یقول الرب وانا الله » ( اشعیاء ۳4 : ۱۲ ) - شهود علی أنه صالح , وعلى أن الصلاح فائق . «صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس» ( ۱ کورنثوس 4: ۹ ) Tr 180.2
ان الایثار الذي هو مبدأ ملکوت الله هو المبدأ اللي يبغضه الشيطان ، وهو ينكر نفس وجوده . ومنذ بداية الصراع العظیم حاول ان یبرهن علی ان مبادئ الله للعمل هي انانية . وهو يتصرف بنفس الطريقة في معاملته لكل من یخدمون الله . ان عمل المسیح و کل من یحملون اسمه هو دحض وتكذیب ادعاء الشیطان Tr 180.3
ان يسوع اتى في صورة انسان ليقدم نفسه مثالا الإیثار . وکل من یقبلون هذا المبدأ یجب أن یكونوا عاملین معه في ايضاح هذا في الحياة العملية . فلأجل اختيار الحق لانه حق ، ولأجل الوقوف الى جانب الحق ولو كان الثمن هو الالم والتضحية «هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندی یقول الرب» (اشعیاء 54 : ۱۷) Tr 180.4
وباكرا جدا في تاريخ العالم أعطي تاريخ حياة انسان أثيرت علیه به حرب الشیطان Tr 181.1
أن شهادة فاحض القلوب عن ایوب القدیسں الشیخ الذي من عوص هي هذه : « ليس مثله في الارض رجل کامل و مستقیم یتقي الله و یحید عن الشر» Tr 181.2
وقد أورد الشيطان التهمة الحقيرة ضد هذا الرجل قائلا : «هل مجانا یتقی ایوب الله . الیس انك سیجت حوله وحول بیته وحول کل ما له من کل ناحیة . . . ولكن أبسط يدك الآن ومس كل ما له» «مس عظمه ولحمه فأنه في وجهك يجد ف عليك» Tr 181.3
فقال الرب للشیطان : «هوذا کل ما له في یدك وانما اليه لا تمد يدك» «ها هو في يدك ولكن أحفظ نفسه» Tr 181.4
فاذ سمح للشیطان بهذا اکتسح کل ما کان یملكه أيوب - الغنم والبقر والعبید والجواري والبنین والبنات و «ضرب أيوب بقرح ردی من باطن قدمه الى هامته» ( أيوب ۱ : ۸ - ۱۲ و ۲ :5 -۹) Tr 181.5
وقد اضیف الی کأسه عنصر آخر من عناصر المرارة . فأن أصدقاءه اذ رأوا في بلواه قصاص الخطية ضغطوا على روحه المسحوقة والمثقلة بالاحزان باتهامهم اياه بأنه فاعل شر Tr 181.6
فاذ کان یبدو وکأنه متروك من السماء والارض واذ ظل مع ذالك متمسكا بایمانه بالله واحساسه باستقامته ففی عذابه وحیرته صرخ قائلا : Tr 181.7
«قد كرهت نفسي حياتي» Tr 182.1
« لیتك تواریني فی الهاویة وتخفینی الى ان ینصرف غضبك وتعلین لی اجلا فتذکرنی » ( أيوب ۱۰ :۱ ؛ 14 : ۱۳ ) . Tr 182.2
«ها أنی اصرخ ظلما فلا استجاب . ادعو ولیس حكم . . . Tr 182.3
ازال عني كرامتي ونزع تاج رأسي . . . Tr 182.4
اقاربي قد خذلوني والذين عرفوني نسوني . . . Tr 182.5
الذين احببتهم انقلبوا علـَّي . . . Tr 182.6
تراءفوا تراءفوا انتم علـَّي يا اصحابي لأن يد الله قد مستني » Tr 182.7
« من یعطینی ان أجده فآتی الی کرسیه . . . Tr 182.8
هأنذا اذهب شرقا فلیس هو هناك وغربا فلا اشعر به . شمالا حيث عمله فلا أنظره . يتعطف الجنوب لانه يعرف طريقي اذا جربني اخرج كالذهب» Tr 182.9
«هوذا يقتلني . لا انتظر شيئا . فقط أزكي طريقي قدامه «أما انا فقد علمت أن وليي حي والآخر على الارض يقوم» «وبعد ذلك تلبس هذه الاعضاء بجلدي ومن جسدي اعاين الله» ( أيوب ۱۹ : 26 و ۲۷ ) ( طبعة سنة ۱۸۷۸ ) «الذي أراه انا لنفسي وعيناي تنظران وليس آخر» Tr 182.10
وبحسب أيمان أيوب کان له . فقد قال : « اذا جربنی اخرج کالذهب » ( أيوب ۲۳ : 10 ) و هذا ما حدث . فباحتماله الصبور زكـَّی اخلاقه و کذلك اخلاق ذاك الذي کان هو یرمز الیه . « ورد الرب سبی ایوب . . . وزاد الرب علی کل ما کان لأیوب ضعفا . . . وبارك الرب آخرة ایوب اکثر من اولاه » ( ایوب 42 : 10 - ۱۲ ) Tr 182.11
وفي تاريخ اولئك الذين عن طريق انكار الذات اندمجوا في شركة آلام المسيح يقف ـ واحد في العهد القديم وواحد في العهد الجديد ـ أسما يوناثان ويوحنا المعمدان Tr 183.1
یوناثان الوارث للعرش بحق میلاده , ومع ذلك فقد کان عالما انه نحی جانبا بموجب حکم الهی ، فاذ کان اخلص صديق لمنافسه ولطيفا وامينا له الى ابعد الحدود ، اذ حمی حیاة داود معرضا حیاته هو للخطر ، و ثابتا الى جوار ابیه مدی ایام الظلام عند انحطاط قوته ، وسقط الى جواره في النهاية - فان اسم یوناثان مذخور في السماء ، وهو باقٍ علی الارض شھادۃ علی وجود المحبة الخالية من الانانية وقوتها Tr 183.2
ويوحنا المعمدان اذ كان عند ظهوره بشيرا بمجيء مسيا ایقظ الامة . و أینما ذهب من مكان الى مکان تبعته جماهیر غفیرة من الشعب من کل رتبه و مرکز . ولکن عندما اتی ذاك الذي قد شهد هو له تبدل كل شيء . فقد تبعت الجموع يسوع ، وكان يبدو أن عمل يوحنا موشك على الانتهاء . الا ان أيمانه لم يضعف . فلقد قال : « ينبغي ان ذلك یزید وانی أنا أنقص » ( یوحنا ۳ : 30 ) ينتظره بكل وثوق . فمن أعماق سجن ھیرودس اذ كان منقطعا بعيدا عن الهواء المحيي وحرية البرية جعل ينتظر ویراقب Tr 183.3
لم يكن هنالك استعراض لأسلحة الحرب ولا فتحت أبواب السجن ، بل كان هناك شفاء للمرضی و کرازة بالانجیل وانهاض نفوس الناس - هذه شهدت لرسالة المسیح Tr 184.1
فاذ كان وحيدا في السجن يري الى اين يتجه طريقه کسیده قبل یوحنا الامانة - وهی الشرکة مع المسیح في التضحية . وقد تبعت رسل السماء يوحنا الى القبر . و شهد أجناد الكون الساقطون وغیر الساقطین تزكیته للخدمة الخالية من الانانية Tr 184.2
وفي كل الاجيال التي تعاقبت منذ ذلك الحين أسندت النفوس المتألمة بشهادة حياة يوحنا . ففي السجن وعلى المشنقة وفي وسط لهيب النار تشدد الرجال والنساء مدى عصور الظلام بذكرى ذاك الذي أعلن المسيح قائلا عنه : «لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان» ( متی ۱۱ : ۱۱ ) Tr 184.3
«وماذا اقول ايضا لانه يعوزني الوقت أن اخبرت عن جدعون وباراق و شمشون ویفتاح . . . وصموئیل والانبیاء الذین بالایمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعید سدوا افواه اسود اطفأوا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا أشهداء فی الحرب هزموا جیوش غرباء Tr 184.4
«أخذت نساء أمواتهن بقيامة . وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة افضل . وآخرون تجربوا في هزء وجلد ثم في قيود ايضا وحبس . رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسیف طافوا فی جلود غنم و جلود معزی معتازین مكروبین مذلين . وهم لم یکن العالم مستحقا لهم . تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الارض Tr 185.1
«فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالایمان لم ينالوا الموعد اذ سبق الله فنظر لنا شیئا أفضل لكی لا یکملوا بدوننا» ( عبرانیين ۱۱ : ۳۲ - 40 ) . Tr 185.2