إنّ الوزنات إذا استُخدمت لابدّ أن تتضاعف. النجاح لا يأتي نتيجة الصدفة أو بالقضاء والقدر، ولكنّه يأتي نتيجة لعمل عناية الله، وهو مكافأة الإيمان والفطنة والفضيلة والسعي بمثابرة. إنّ الرب يريدنا أن نستعمل كلّ هبة عندنا فمتي فعلنا هذا فستُعطى لنا هبات أعظم لنستعملها. إنّه لا يمنحنا مؤهلات ليست عندنا بطريقة خارقة للطبيعة، بل في حين نستخدم ما عندنا يعمل الرب معنا في زيادة كلّ كفاءة وتقويتها. ففي كلّ مرِّة نقدم على تضحية بكلّ قلوبنا وبغيرة لأجل خدمة السيد تزيد قوانا. وحين نقدّم ذواتنا آلات لعمل الرُّوح الْقُدُس فإن نعمة الله تعمل فينا لتنكر ميولنا القديمة ولننتصر على نزعاتنا القوية ونكوّن لأنفسنا عادات جديدة. وإذ نراعي دوافع الروح ونطيعها فان قلوبنا تتّسع لقبول المزيد من قوته وللقيام بعمل أكثر وأفضل. والقوى الهاجعة تستيقظ والقوى العاجزة تحصل على حياة جديدة. COLAr 323.1
الخادم المتواضع الذي بكل إذعان يستجيب لدعوة الله له يتأكد من الحصول على مساعدة إلهية. فكون الإنسان يقبل مثل هذه المسؤولية العظيمة المقدسة هو في ذاته يسمو بالخلق. وهو يعبئ للعمل أسمى قوى العقل والروح ويقوي العقل ويطهرهما. وعن طريق الإيمان بقوة الله هو عجيب حقا كيف يصير الإنسان الضعيف قويا وكيف تصير مساعيه ثابتة ومثمرة لنتائج عظيمة. فالذي يبدأ بقليل من المعرفة بكيفية متواضعة ويخبر الناس بما يعرفه ففي حين يطلب باجتهاد مزيدا من المعرفة سيجد أنّ كل كنز السماء ينتظر طلبه. وكلما حاول أن يعطي النور للغير كلما حصل على مزيد من النور. وكلما حاول الإنسان أن يشرح كلمة الله للآخرين مع المحبة للنفوس كلما وضحت له. فكلما استخدمنا معرفتنا ودرّبنا قوانا كلما حصلنا على مزيد من المعرفة والقوة. COLAr 324.1
كل مسعى نبذله لأجل المسيح سيكون له ردّ فعل من البركة علينا. فإن استخدمنا أموالنا لأجل مجده فسيعطينا أكثر ممّا قدمنا. وإذ نحاول أن نربح الآخرين للمسيح مثقلين بمسؤولية النفوس في صلواتنا فإن قلوبنا تختلج بقوة نعمة الله المحيية، وعواطفنا ستتوهج بمزيد من الغيرة الإلهية، وحياتنا المسيحية بجملتها ستصير حقيقية أكثر وأكثر غيرةً وأكثر صلاة. COLAr 324.2
قيمة الإنسان تُقدّر في السماء بنسبة اتساع القلب لمعرفة الله. فهذه المعرفة هي النبع الذي تفيض منه كل قوة الفكر الإلهي، وهو يحاول دائما أن يجعل عقل الإنسان في شركة مع فكر الله. إنّه يقدم لنا امتياز التعاون مع المسيح في إعلان نعمته للعالم حتى نحصل على مزيد من معرفة الأمور السماوية. وإذ ننظر إليه نتغيّر. فالصلاح ومحبتنا لبني جنسنا يصيران غريزة طبيعية فينا. وتنمو فينا صفات مماثلة لصفات الله. فإذ ننمو في التشبّه به تتسع مقدرتنا لمعرفة الله. ثم نتدرج أكثر فأكثر لتصير لنا شركة مع العالم السماوي وتصير لنا قوة متزايدة دائمة لقبول غنى معرفة الأبدية وحكمتها. COLAr 324.3