(يعتمد هذا الفصل على ما جاء في لوقا ١٥: ١-١٠).
عندما اجتمع العشارون والخطاة حول المسيح تذمر معلمو اليهود قائلـين: « هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ » (لوقا ١٥: ١، ٢). COLAr 166.1
بهذه التهمة لمَّحوا إلى أن المسيح يحب الاختلاط بالخطاة والمنحطين وهو لا يحسّ بشرّهم. لقد خابت آمال الأحبار في يسوع. لماذا حدث ذاك الذي يدَّعي لنفسـه صفات سـامية جدّا، لم يختلط بهم هم ويتبع أسـاليبهم في التعليم؟ ولماذا يتجول هكذا بكل بساطة خادما بين كل الطبقات؟ ثم قالوا: لو كان هذا نبيا حقيقيا لكان ينسجم معهم ويعامل العشارين والخطاة بما يستحقونه من عدم اكتراث. لقد أغضب حراس المجتمع هؤلاء أنّ هذا الذي كانوا يشتبكون معه في مناقشات لا تنقطع، والذي مع ذلك أخافتهم ودانتهم طهارة حياته يلتقي في عطف ظاهر مع أولئك المنبوذين من المجتمع. إنّهم لم يستحسنوا أساليبه. لقد اعتبروا أنفسهم متعلمين ومتفوقين في الأمور الدينية، ولكن مثال المسيح فضح أنانيتهم. COLAr 166.2
وقد أغضبهم أيضا أنّ الذين لم يكونوا يُظهرون للأحبار غير الازدراء والذين لم يُروا قط في المجامع، يتقاطرون ويجتمعون حول يسـوع ويصغون إلى أقـواله بكل انتباه. إنّ الكتبة والفريسـيين لم يحسّـوا بغير الإدانة في تلك الحضرة الطاهرة، فكيف حدث إذا أن العشارين والخطاة ينجذبون إلى يسوع؟ COLAr 167.1
ولم يدروا أن تفسير هذا كائن في نفس الكلام الذي نطقوا به واتهموه في ازدراء « هذَا يَقْبَلُ خُطَاةً ». فالنفوس التي أتت إلى يسوع أحسست وهي في محضره بأنّه يوجد طريق للنجاة من حضرة الخطية حتى لهم هم أنفسهم. لقد كان الفريسيون يحتقرونهم ويدينونهم، أما المسيح فحياهم مرحّبا بهم كأولاد الله الذين وإن كانوا في الواقع متباعدين عن بيت الآب فإن قلب الآب لم ينسهم. إنّ نفس شقائهم وخطيتهم جعلتهم بالأكثر موضوع حنانه ورحمته. وبقدر ما ابتعدوا عنه — بقدر ذلك زاد حنينه إليهم وعظمت تضحيته لإنقاذهم. COLAr 167.2
كلّ هذا كان يمكن لمعلمي إسرائيل أن يتعلموه من الأسفار المقدسة التي كانوا يفخرون بأنهم حُفَّاظها وشارحوها. ألم يكتب — داود الذي قد سقط في خطية مميتة قائلا: « ضَلَلْتُ، كَشَاةٍ ضَالَّةٍ. اطْلُبْ عَبْدَكَ؟ » (مزمور ١١٩: ١٧٦). أولم يعلن ميخا محبة الله للخاطئ قائلا: « مَنْ هُوَ إِلهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ، فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ؟ » (ميخا ٧: ١٨). COLAr 167.3