لا يقوى الشبيبة على العيش بدون عشراء، و لا بد لهم بالضرورة من الشعور بتأثيرهم. هناك حلقات غامضة تربط النفوس معاً بحيث يتجاوب قلب الواحد من قلب الآخر، و يقبس عنه آراءه و عواطفه و روحه. هذه المعاشرة يمكن أن تكون بركة أو لعنة. بإمكان الشبيبة أن يشدد واحدهم الآخر، متقدمين في السيرة و الأخلاق الحسنة، أو يمكن من الجهة الأخرى أن يكونوا ذوي تأثير محط للآداب إذا هم سمحوا لأنفسهم بأن يصبحوا مهملين و غير أمناء. SM 433.1
إن مسألة إختيار الرفقة هي مسألة ينبغي أن يتعلم الشبيبة النظر فيها بجد. و الشبيبة التي تؤم مدارسنا بد أن تجد دائماً بينهم فريقين، فريقاً يسعى لإرضاء الله و إطاعة معلميه، و آخر تسود عليه روح التمرد و مخالفة القانون. فإذا ماشى الشبيبة الجمهور لفعل الشر ضمّ تأثيرهم على خصم النفوس و أضلوا أولئك الذين لم يراعوا مبادئ الأمانة الثابتة. SM 433.2
لقد صدق من قال: “أرني عشراءك أقل لك من أنت”. إن الشبيبة لا يقدرون أن يدركوا ما لاختيار العشراء من تأثير ملموس في أخلاقهم و سمعتهم. منهم من يختار صحبة الذين يتفق معهم في الذوق و العادات و التصرفات. و من يفضل صحبة الجهلة و الأردياء على صحبة ذوي الحكمة و الصلاح يظهر أن أخلاقه عائبة. ذوقه و عاداته قد تكون في البداية مغايرة لذوق و عادات الذين يسعى لصحبتهم، غير أنه إذ يحتك بهذا الفريق تتغير أفكاره و مشاعره فيضحي بالمبادئ القويمة، و بصورة لا شعورية و مع ذلك لا معدى عنها ينحدر إلى درك هؤلاء العشراء. فكما أن الجدول يأخذ على الدوام من خاصية التراب الذي يجري فيه، كذلك هي الحال مع مبادئ الشبيبة و عاداتهم، فهي تصطبغ حتماً بلون أخلاق الصحاب الذين بهم يختلطون... SM 433.3