قضى يسوع الثلاثين سنة الأولى من حياته في قرية الناصرة المغمورة. و كان أهل هذه القرية مضرب المثل في الشر، و ذلك ما جعل نثنائيل يسأل: “أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟” أما البشريون فلم يذكروا سوى القليل جداً عن حياة المسيح الباكرة. و باستثناء حادث مرافقته لوالديه إلى أورشليم لا نجد سوى العبارة الموجزة القائلة: “و كان الصبي ينمو و يتقوى بالروح ممتلئاً حكمة و كانت نعمة الله عليه”. SM 77.1
المسيح هو مثالنا في كل الأشياء. ففي عناية الله أمضى حياته الباكرة في الناصرة، حيث كانت صفات أهلها من الشر بحيث ظل هو معرضاً للتجارب، و كان ضرورياً له أن يظل صاحياً متيقظاً لكي يبقى نقياً و طاهراً وسط ما كان هنالك من إثم و شر عظيمين. لم يختر المسيح بنفسه هذا المكان، و إنما أبوه السماوي هو الذي اختار هذا المكان له حيث تمتحن صفاته بشتى الطرق. لقد تعرضت حياة المسيح الباكرة لامتحانات و مصاعب قاسية و نضال عنيف حتى يشكل صفات كاملة تجعل منه مثالاً كاملاً للأولاد و الشبيبة و الكبار. SM 77.2
أحياناً كثيرة يوضع الأولاد و الشبيبة في محيط لا يكون مؤاتياً للحياة المسيحية، وما أسرع ما يستسلمون للتجارب، ثم يتخذون من محيطهم غير المناسب عذراً لانتاجهم سبيل الخطية. لقد اختار المسيح العزلة، و خلال حياة من الشغل الأمين عاملاً بيديه على الدوام، لم يستدع التجربة، بل ترفّع عن عشرة من كان تأثيرهم مفسداً. لقد وطئت قدما المسيح أشد ما يمكن أن يدعى الأولاد و الشبيبة إلى السير فيه من مسالك وعرة. لم يختص نفسه بحياة يسر و رخاء و كسل و استرخاء. كان أبواه فقيرين، يعملان جاهدين لتحصيل القوت اليومي، فكانت حياته لذلك حياة فقر وإنكار ذات و حرمان، و قاسم أبويه حياة العمل المجد الأمين. SM 77.3