هل اتفق لك أن راقبت صقراً يطارد حمامة فزعة. إن الغريزة قد علمت الحمامة أن لا بد للصقر، لكي يقبض على طريدته، من أن يصل في طيرانه صعداً إلى حيث يكون أعلى منها، لذا فهي تصعد في القبة الزرقاء أعلى فأعلى، و الصقر ماضٍ، أبداً، في أثرها محاولاً كسب الشوط عليها، و لكن عبثاً يحاول. فالحمامة في أمان ما ظلت منطلقة في تصعيدها دون أن تسمح لشيء أن يوقفها أو يجذبها نحو الأرض. و لكن دعها تضطرب مرة واحدة و تخفض من طيرانها فستجد أن عجوها المتيقظ لا يلبث أن ينقض عليها من عل. هذا مشهد راقبناه مرة بعد مرة بإهتمام واجف. و كأنما قد حبسنا أنفاسنا، وكل عطفنا نحو الحمامة الصغيرة، وما أشد ما كان سيصيبنا من الحزن لو رأيناها تقع فريسة للصقر الجافي العاتي. SM 104.1
نواجه حرباً، هي الحرب على الشيطان و تجاربه الخادعة، تدوم مدى العمر. أما العدو فسيتوسل بكل حجة و بكل خدعة لاقتناص نفوسنا، فعلينا، لكي نربح إكليل الحياة أن نجاهد الجهاد الحار المثابر، و ألا نلقي السلاح أو نترك ساحة النزال حتى نحرز النصر و نفخر مزهوّين بفادينا. إننا لفي أمان و اطمئنان ما بقيت أبصارنا مثبتة على رئيس إيماننا و مكمله، و كذا ميولنا و عواطفنا يجب أن تتجه و تتركز على ما هو فوق، لا على الأمور الأرضية. بالإيمان يجب أن نرقى أعلى فأعلى في اكتسابنا فضائل المسيح، و نحن إذ نتأمل يومياً بجماله الذي لا يبارى ننمو أكثر فأكثر إلى قياس صورته المجيدة، و فيما نحن نحيا هكذا على اتصال بالسماء فإن حبائل إبليس التي ينصبها لنا تفشل في مهمتها — (ج : 12 أيار — مايو 1898). SM 104.2
* * * * *