Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents

التربيـــة

 - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    التَّدريبّ

    الطاعة هي درس من اوائل الدروس التي يحتاج الطفل الى تعلمها . فقبلما یكبر بحیث یستطیع أن یجادل یمكنه أن يتعلم ان یطیع . وهذه العادة يجب أن ترسخ عن طريق بذل الجهد في لطف ومثابرة . وهكذا يمكن تجنب المكافحات التي تحدث فيما بعد بين الارادة والسلطان ، مما يوجد النفور والمرارة نحو الوالدين والمعلمين ، وفي أغلب الاحيان مقاومة كل سلطة بشرية والهية ، فبالطاعة يجنبهم هذا النفور وهذه المرارة الى حد كبيرTr 337.1

    أن غاية التدريب هي تربية الطفل على ضبط نفسه. فيجب أن يتعلم الاعتماد على الذات وضبط النفس . ولذلك فحالما يصير قادرا على الفهم يجب أن يجنَّد عقله الى جانب الطاعة . فعلی کل من یتعاملون معه ان یفهموه أن الطاعة عادلة ومعقولة . ساعدوه على أن يرى أن كل الاشیاء خاضعة للقانون وان العصیان مآله الى الکوارث والآلام . فعندما يقول الله : ” لا . . . ” فهو في محبته يحذرنا من عواقب العصیان لیجنبنا الضرر والخسارةTr 337.2

    ساعدوا الطفل على أن يرى أن الوالدين والمعلمين هم نواب الله وأنهم اذ يعملون فی توافق معه فقوانينهم فی البيت وفي المدرسة هی قوانینه أيضاً . فکما أن الطفل علیه ان يقدم الطاعة للوالدين والمعلمين ، فكذلك عليهم أيضا في دورهم ان يقدموا الطاعة للهTr 338.1

    يجب على الوالدين والمعلم ان يجعلوا موضوع دراستهم كيف يوجهون نمو الطفل دون أن يعيقوا نموه عن طريق السيطرة غير اللائقة . أن الافراط في التحکم ردیء کالاقلال منه . ان السعی في « تحطیم أرادة » الطفل خطأ رهیب . ان العقول غير متشابهة في تكوينها ، ففي حين أن العنف قد یضمن الخضوع الظاهری فالنتیجة بالنسبة لکثیرین من الاطفال هی اصرار القلب علی العصیان . و حتی لو نجح الاب أو المعلم في الحصول على السيطرة التي يريدها فالنتیجة ستکون اکثر وبالا علی الطفل . ان تدریب کائن بشري وصل الى سني البلوغ والذكاء يجب أن يختلف عن تدریب حیوان أعجم . الحيوان يتعلم الخضوع فقط لسیده . والسید بالنسبة الى الحیوان هو عقله وحکمه وأرادته . فاذ يستخدم هذا الاسلوب أحيانا في معاملة الاطفال وتربيتهم يجعلهم ذلك افضل قليلا من آلات ذاتية الحركة (أوتوماتيكية ) ، ذلك ان العقل والارادة والضمير تکون تحت سلطان شخص آخر . ولکن اللّه لا يقصد أن عقل أي انسان یستبد به هكذا . فالذین یضعفون الشخصية او يدمرونها ينتحلون مسؤولية لا ينجم عنها غير الشر . فاذ يكون الاطفال خاضعين للسيطرة يبدو وكأنهم جنود مدربون حسنا ، ولكن عندما تبطل السيطرة يبدو أن الخلق تعوزه القوة والثبات . أن الشباب أذ لم يتعلم قط. أن يضبط نفسه فهو لا يعترف بأي رادع الا ما يطلبه أبواه او معلمه . واذ یزول هذا الرادع فهو لا یعرف کیف یستخدم حریته وکثیرا ما یسلم نفسه للانغماس فی الشهوات الامر الذی یفضی الى هلاکهTr 338.2

    وحیث أن تسلیم الارادة اصعب بكثیر علی بعض التلاميذ مما هو على آخرين فيجب على المعلم ان يجعل الطاعة لمطاليبه سهلة بقدر الامكان . والارادة یجب توجیهها وصوغها ولكن ينبغي ألا نتجاهلها او نسحقها . أبقوا على قوة الارادة فالحاجة ستدعو اليها في معركة الحياةTr 339.1

    وعلى كل طفل ان يفهم القوة الحقيقية للارادة . ويجب ان نبصره بعظمة المسؤولية المنطوية على هذه الهبة . الارادة هي القوة الحاكمة في طبيعة الانسان ، قوة الحكم او الاختیار . وکل انسان عاقل عنده قوة الاختیار الصواب . وفي كل اختبارات الحياة يقول لنا الله : « اختاروا لانفسكم الیوم من تعبدون » ( یشوع 24 : 15 ) . فیمکن الکل واحد ان یجعل أرادته فی جانب أرادة الله ، ویمکنه ان يختار أطاعته واذ يقرن نفسه بالقوى الالهية قد يقف في وضع بحیث لا یمکن ان اي شیء يرغمه علی عمل الشر . وفي کل شاب و طفل توجد بمعونة الله القوة علی تکوین خلق قويم وعلى أن يحيا حياة النفع والخدمةTr 339.2

    أن الاب أو الام أو المعلم الذي بواسطة مثل هذا الارشاد یربی الطفل علی ضبط النفس سیكون انفع انسان ودائم النجاح . قد يبدو لمن ينظر نظرة سطحية أن عمله لیس ذا نفع کبیر و قد لا یظفر بتقدیر کبیر کما یظفر ذاك الذي يمسك بعقل الطفل وأرادته وستأسرهما لسلطانه المطلق ، ولكن السنوات التالية ستبين نتيجة الطريقة المثلى في التربيةTr 340.1

    أن المربي الحکیم في تعامله مع تلاميذه يحاول أن يشجع فيهم الثقة ويقوي احساسهم بالكرامة . فالاولاد فیهم والشباب یستفیدون عندما یصيرون موضع ثقة . أن بالكرامه ، والكل یتوقون الى ان یوثق بهم ویظفروا بالاحترام , وهذا حقهم . فيجب أن لا نجعلهم يحسون بأنه لا يمكنهم الخروج أو الدخول بدون رقابة . أن الشك يفسد الاخلاق وتنتج عنه نفس الشرور والمساوئ التي يحاول منعها . أن المعلمين بدلا من المراقبة الدائمة كما لو انهم يشتبهون في وجود شر — اولئك المعلمون الذين هم علی اتصال بتلامیذهم ، لا بد سیلاحظون انشغالات العقل الذي لا يهدأ وسيشغلون المؤثرات التي ستبطل الشر . أجعل الشباب يحسون بأنهم موضع ثقة , وسيحاول معظمهم أن يبرهنوا على أنهم موضع ثقة Tr 340.2

    وعلى نفس هذا المبدإ تقول ان الافضل هو أن نطلب لا ان نأمر ، فالذي يخاطب هكذا لديه الفرصه لان يبرهن على ولائه للمبادئ المستقيمة . وطاعته هي نتيجة الاختيار لا الارغام Tr 341.1

    والقوانين السائدة في المدرسة يجب أن تمثل صوت المدرسة بقدر الامكان . وکل مبدا متضمن فیها یجب ان يوضع أمام الطالب بحيث يقتنع بعدالته . وهكذا يحس بالمسؤولية لان يرى بأن القوانين التي ساعد هو نفسه على صوغها ووضعها يعمل بموجبهاTr 341.2

    ویجب ان تکون القوانین قلیلة وصادرة عن تفكر حسن . فمتى عملت لا بد من تنفيذها . واي شيء یوجد انه لا یمكن تغییره فالعقل یتعلم ان یسلم به ویروض نفسه علیه , و لكن أمكانيه التسامح توعز بالرغبة والامل وعدم اليقين , وتكون النتيجة هي القلق والاهتياج والعصيان Tr 341.3

    ويجب ايضاح هذا الامر وهو أن حكم الله لا يعرف اي اتفاق مع الشر . فينبغي عدم التسامح مع العصيان لا في البیت ولا فی المدرسة . فكل أب أو ام او معلم یتمنی من قلبه إسعاد من هم تحت رعايته لن يتفق مع العناد والتصلب الذي يتحدى السلطان او يلجأ الى الاحتيال او المراوغة تهربا من الطاعة . ان الذي يراوغ مع عمل الشر ليس هو المحبة بل التمسك بالتقاليد ، ويحاول بواسطة التملق أو الرشوة ليظفر بالامتثال وأخيرا يقبل بديلا عن الشيء المطلوبTr 341.4

    ” الجهال يستهزئون بالاثم ) ( أمثال 14 : ٩ ) . يجب علينا أن نحترس من معاملة الخطية كشيء تافه . ان سلطانها علی فاعل الشر رهیب . « الشریر تأخذه آثامه وبحبال خطیته یمسك » ( أمثال 5 : ۲۲ ) . أن افدح ظلم نوقعه علی اي طفل او شاب هو ان نسمح له بأن یقید في عبودية العادة الشريرةTr 342.1

    أن في نفس الشاب غريزة حسب الحرية ، فالشباب يشتهون الحرية ، وهم بحاجة الى أن يدركوا أن هذه البركات الثمينة يتمتع بها الانسان في حالة أطاعة شريعة الله فقط . فهذه الشريعة هي حارسة وحافظة الحرية الصحیحة . وهي تشير الى الاشیاء التی تحط من قدر الانسان وتستعبده وتنهی عنها ، وهكذا هی تضمن للمطیع حفظا من قوة الشر وسلطانهTr 342.2

    أن المرنم يقول : ” أتمشى في رحب لاني طلبت وصاياك ” ” شهاداتك هي لذاتي أهل مشورتي ” ” مزمور ۱۱۹ : 45 و 24 )Tr 342.3

    وفي محاولاتنا ان نصلح الخطأ يجب علينا أن نتحفظ من الاعابة أو الذم . ان اللوم والذم المستمر يحير ويربك ولكنه لا يصلح . فبالنسبة الى كثير من العقول وغالبا بالنسبة الى تلك التي هي شديدة الحساسية والتأثر يتضح ان جو الانتقاد الخالي من العطف قاتل لكل جهد ومسعى . ان الازهار لا تتفتح للريح اللافحة Tr 342.4

    ان الطفل الذي بلام كثيراً لاجل غلطة خاصة سيعتبر ان هذه الغلطة هي الصفة المميزة له ، أي انها شیء من العبث محاولة التخلص منـــه . وهكذا يخلق الفشــل والیأس اللذان يختبئان تحت مظهر عدم الاكتراث او الشجاعة الظاهرية Tr 342.5

    اما الهدف الحقیقی لتوبیخ فیمکن بلوغه عند ما یری الشریر بنفسه خطأه وتجند أرادته لاصلاحه . فمتی تم هذا فأرشده الى نبع الغفران والقوة . واجتهد في ان تحفظ له عزة نفسه وتلهمه بالشجاعة والامل Tr 343.1

    هذا أدق وأصعب عمل و کل الى بنی الانسان . فهو يتطلب أدق لباقة وارق حساسية ومعرفة للطبيعة البشرية وأيمانا وصبرا سماوین ، وأن یكون الانسان راغبا فی العمل والانتظار . انه عمل لا یفوقه أي عمل آخر في أهميتهTr 343.2

    والذين يرغبون في السيطرة على الآخرين يجب عليهم ان يتحكموا فی أنفسهم أولا . ان معاملة أي طفل او شاب بالانفعال والغضب لن يفعل شيئا الا اثارة سخطه . فعندما يصير أي أب أو ام او معلم ضجرا وفي خطر من ان ينطق بكلام طائشں خالٍ من الحكمة فلیظل صامتا . ففی الصمت قوة عجيبةTr 343.3

    ويجب على المعلم أن ينتظر أن يواجه أمزجة منحرفة وقلوبا صلبة . ولکن فی تعامله معها یجب علیه الا ینسی انه كان قبلا طفلا بحاجة الى التدريب . وحتى الآن فمع کل امتیازات السن والتربیة والاختبار فكثيرا ما تخطيء وهو بحاجة الى الرحمة والاحتمال . وفي تربيته للشباب علیه أن یعتبر أنه یتعامل مع اولئك الذین عندهم أمیال للشر شبیهة بأمیاله. أن علیهم أن یتعلموا کل شیء، تقریبا ، وان التعلم أصعب على البعض مما على آخرين . فبالنسبة الی التلميذ البلید علیه ان یتذرع بالصبر ، فلا یذمه علی جهله بل ينتهز كل فرصة ليقدم له التشجيع . أما التلاميذ الشدیدو الحساسیة و العصبیون فعلیه ان یعاملهم بكل رقة . أن أحساسه بنقائصه يجب أن يقوده على الدوام الی اظهار العطف و الاحتمال نحو من یكافحون ایضا ضد الصعوباتTr 343.4

    ان قانون المخلص القائل : ” وکما تريدون أن يفعل الناس بکم افعلوا انتم ایضا بهم هکذا ” ( لوقا 6 : ۳۱) یجب أن یکون قانونا لكل من یباشرون امر تربیة الاطفال والشباب . انهم الاعضاء الاصاغر في اسرة الرب وهـم وارثون معنا لنعمة الحياة . فیجب حفظ۔ قانون المسیح بكل قداسة فی التعامل مع ابلد الاولاد واصغرهم واکثرهم خطأ ، وحتى مع المخطئين والعصاةTr 344.1

    هذا القانون سيجعل المعلم يتجنب بقدر الامكان التشهير باغلاط التلميذ او اخطائه . وسيحاول ان يتجنب ایقاع التوبیخ او القصاص امام الآخرين .. وھو لن یطرد يتضح ان الطالب نفسه غير حاصل على فائدة ، في حين ان تحديه او احتقاره للسلطة يؤول الى هدم حكم المدرسة وان تأثیره یسری الى الآخرين ، حینئذ يصیر طرده امرا لا مندوحه عنه . ومع ذلك فان الطرد العلني قد ينتهي بالكثيرين الى التهور التام والدمار . ففي معظم الحالات عندما يكون الطرد أمرا لا يمكن تجنبه فالمسألة لا تحتاج الی إشهار . فبالتشاور و التعاون مع الوالدین لیرتب المعلم أمر انسحاب الطالب خفيةTr 344.2

    في هذا الزمن الذي فیه یهدد الخطر الخاص الشباب فالتجارب تحدق بهم من كل جانب ، وفي حين انه من السهل أن ينساق الشباب ، فانه يطلب بذل أقوى جهد حتی یمكنهم أن یتجهوا ضد التیار . فكل مدرسة ینبغی ان تکون ” مدینة ملجاً ” للشباب المجريین ، ومكانا فیه تعالج جهالاتهم بصبر وحكمه . والمعلمون الذین یدرکون مسؤولیاتهم یبعدون عن قلوبهم وحیاتهم کل ما من شأنه أن يحول بينهم وبين معالجة المشاكسين والعصاة بنجاح . وستكون المحبة والرقة والصبر وضبط النفس هي قانون كلامهم دائما . وستمتزج الرحمة والرأفة بالعدل . وعندما یکون التوبیخ أمرا لازما فلن يبالغوا فی کلامهم بل تشیع فيه الوداعة . وبرقة سیضعون أمام المخطئ اخطاءه ویساعدونه علی ان یرجع الى نفسه . أن کل معلم أمین سیشعر انه اذا کان لا بد له من ان يخطئ فالافضل ان يخطئ الى جانب الرحمة لا الى جانب القسوة Tr 345.1

    کثيرون من الشباب الذین یظن انه لا یرجی اصلاحهم لیسوا قساة القلوب کما یبدو علیهم . وكثیرون ممن يعتبرون أنهم میئوس منهم یمکن ردهم بواسطة التدریب الحكيم . هؤلاء في الغالب هم الاشخاص الذين تذوب قلوبهم سريعا امام الرفق . فليظفر المعلم بثقة الشاب المجرب وبواسطة اعترافه بالصلاح الذي في خلقه وتنميته یمكنه فی كثیر من الحالات ان یصلح الشر دون أن یوجه اليه الانظارTr 345.2

    أن المعلم الالهی یصبر علی المخطئ مدی ایام ضلاله . أن محبته لا تخمد أبدا نحو الضالين ، وجهوده في سبيل ربحهم لا تنقطع ابدا . فبيديه المبسوطتين ينتظر ليرحب بالضالين مرارا وتكرارا ، وحتى بالعصاة والمرتدين . أن قلبه يتأثر العجز الطفل الصغير الذي يعامل معاملة فظة قاسية . ان صرخة عذاب الناس وآلامهم لا تصل الى اذنيه عبثا . ومع أن الجمیع أعزاء في نظره فان الطباع الفظة المنحوسة العنيدة تستدر عطفه وحبه ، لانه يتتبع كل شيء من السبب الى النتیجة . والانسان الذي یمكن ان يجُرب باكثر سهولة والذي يميل الى الضلال هو موضوع اهتمامه الخاصTr 346.1

    يجب على كل أب وأم ومعلم أن يتحلوا بصفات ذاك الذي يجعل دعوى المتضايقين والمتألمين والمجربين دعواه . فعلی کل واحد ان یكون قادرا أن ” یترفق بالجهال والضالين اذ هو أيضا محاط بالضعف ” ( عبرانيين 5 : ۲ ) . أن یسوع یعاملنا بأفضل مما نستحق كثيرا ، فکما یعاملنا علینا ان نعامل الآخرین . ولا یمکن أن تصرف ای اب او معلم یکون مبررا ما لم یكن شبیها بالتصرف الذی كان يتصرف به المخلص لو اجتاز في مثل ظروفه Tr 346.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents