القوى العقلية
إن الله يطلب تدريب القوى العقلية. فهو يقصد أن يكون خدّامه حائزين ذكاء أعظم وتمييزاً أوضح من الإنسان العالمي، وهو يسخط على من هم عديمو الاكتراث ومتكاسلون جدا عن أن يصيروا خدّاما مقتدرين ذوي علم ودراية. إنّ الرب يأمرنا بأن نحبه من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة ومن كل الفكر. هذا يضعنا تحت التزام تنمية العقل إلى أكمل سعته، حتى نعرف خالقنا ونحبه بكل فكرنا.COLAr 303.2
إنّ العقل إذا صار تحت سيادة الروح فكلّما أُجيدَ تثقيفه وتهذيبه كلما أمكن استخدامه بأكثر فاعلية في خدمة الله. إنّ الرجل غير المتعلم المكرس لله والمشتاق لأن يبارك الآخرين يمكن للرب أن يستخدمه في خدمته. ولكن الذين قد حصلوا على منفعة التعليم السليم ولهم نفس روح التكريس يمكنهم أن يخدموا المسيح خدمة أعظم في مجالات أوسع. فهم يقفون في مركز ممتاز.COLAr 303.3
إنّ الرب يريدنا أن نحصل على كل تعليم ممكن، وأمام أنظارنا هذا الغرض وهو أن نعرّف به الآخرين. ليس منا من يعرف أين أو كيف يمكن أن يُدعي ليخدم الله أو يتحدث عنه. إنّ أبانا السماوي هو وحده الذي يرى ما يمكنه أن يصنع من الناس. توجد أمامنا إمكانيات لا يمكن لإيماننا الضعيف أن يراها أو يميزها. فينبغي أن ندرّب عقولنا بحيث إذا لزم يمكننا أن نقدم حقائق كلمته لأرقى السلطات الأرضية بطريقة تمجّد اسمه. فلا نترك فرصة واحدة تفلت منا دون أن نؤهل ذواتِنا عقليا لخدمة الله.COLAr 303.4
فعلى الشباب المحتاجين إلى العلم أن يبدأوا بالعمل بعزم لاجتناء ثمراته. لا تنتظروا حتى يُفتَح لكم الباب، بل افتحوا لأنفسكم. وتمسّكوا بأي طريق صغير يعرضُ نفسه لكم. ثم مارسوا الاقتصاد. فلا تنفقوا أموالكم في إشباع نهمكم أو طلب الملذات. اعزموا على أن تصيروا نافعين ومقتدرين كما يدعوكم الله أن تكونوا. كونوا كاملين ومتقنين وأمناء في كل ما تباشرونه. حصّلوا كل منفعة أو ميزة في متناول أيديكم لأجل تقوية عقولكم. واجمعوا بين دراسة الكتب والعمل اليدوي النافع، وبالمسعى الأمين والسهر والصلاة أحرزوا الحكمة التي من فوق. هذا يمنحكم تعليما شاملا. وهكذا يمكنكم أن تسموا بأخلاقكم وتكسبوا تأثيرا على عقول أخرى يقدركم على أن ترشدوهم في طريق البرّ والقداسة.COLAr 304.1
ويمكن إتمام أشياء أكثر في عمل تعليم النفس إذا كنا يقظين لفرصنا وامتيازاتنا. إنّ التعليم الصحيح يعني شيئا أكثر ممّا يمكن للكليات أن تقدمه. ففي حين يجب ألاّ نغفل درس العلوم فإنّ هنالك تعليما أعلى يمكن الحصول عليه عن طريق الارتباط الحيوي بالله. فليأخذ كل طالب كتابه المقدس ويدخل في شركة مع المعلّم العظيم. وليتعلم العقل ويتدرب على أن يصارع المشاكل المستعصية بحثا عن الحق الإلهي.COLAr 304.2
إنّ من يجوعون إلى العلم لكي يباركوا بني جنسهم سيحصلون هم أنفسهم على بركة من الله. وعن طريق درسهم لكلمته تستيقظ قوى عقولهم للنشاط والعمل الغيور. وستتسع قواهم العقلية وتنمو وسيحصل العقل على القوة والكفاءة. COLAr 304.3
وينبغي لكل من يريد أن يكون خادما لله أن يمارس تدريب نفسه. هذا ينجز أكثر ممّا تستطيع الفصاحة أو أعظم المواهب المتألقة أن تنجزه. إنّ العقل العادي متى أُحسِنَ تدريبه ينجز عملا أكثر وأسمى مما يمكن أن ينجزه العقل الحاصل على أعلى تعليم وأعظم ثقافة وأعظم المواهب بدون ضبط النفس.COLAr 305.1