إهانة الثروات الأبدية
ينظر الربّ بشفقة إلى أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بأن يكونوا مثقلين بالأعباء المنزلية ومنغصات العمل. إنهم يربكون أنفسهم بهذه الأحمال ويهملون الشيء الأهم، ألا وهو «لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى ٦: ٣٣). بمعنى حوّلوا أنظاركم من هذا العالم إلى العالم الأبدي. ابذلوا قصارى جهدكم للحصول على تلك الأشياء التي يضع الله قيمةً عليها، والتي بذل السيّد المسيح حياته الغالية من أجلها لكي تضمنوا الحصول عليها. لقد فتحت لكم ذبيحته أبواب الخيرات السماوية على مصراعيها. اكنزوا كنزكم بجانب عرش الله واستخدموا أمواله التي أودعها في عهدتكم من أجل القيام بالعمل الذي يريد تحقيقه، ألا وهو ربح النفوس لمعرفة الحق. فهذا سيضمن لكم ثروات أبدية.CSAr 225.2
عندما نتأمل في عطية السماء العظيمة لخلاص العالم الخاطئ، ونفكر بعد ذلك في التقدمات أو الأعطية التي يمكننا أن نقدمها، فلن نجد وجهًا للمقارنة. فالمطالب التي يمكن للكون بأسره أن يُطالب بها لا يمكنها أن تُقارن بتلك العطية الواحدة. لقد تجلّت محبة بلا حدود ولا يمكن أن تُقاس عندما جاء ذاك الذي كان معادلاً بالآب ليدفع ثمن نفوس البشر ويجلب لهم الحياة الأبدية. أيتوجب على من يعترفون باسم المسيح ألا يروا شيئًا يجتذبهم لفادي العالم وأن يكونوا غير مبالين بامتلاك الحق والبرّ وأن ينتقلوا من الكنز السماوي إلى الأرضي؟CSAr 226.1
«وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ» (يوحنا ٣: ١٩ — ٢١).CSAr 226.2
إن رسالة الإنجيل هذه هي واحدة من أعظم الفقرات في العهد الجديد. فعندما يتم قبولها، تنتج في حياة المتلقي (المستلم) الأعمال الصالحة التي تكون قيمتها أعلى بكثير من قيمة اللآلئ والذهب. كما أنها تمتلك القدرة على تحقيق السعادة والتعزية في الحياة الأرضية ومباركة الإنسان المؤمن بالحياة الأبدية. آه لو كان فهمنا مستنيرًا بالنعمة حتى يتسنى لنا أن نستوعب معناها الكامل! إن الآب يقول لنا، سأباركك وأمنحك كنزًا أثمن من أية ممتلكات أرضية، كنزًا سيجعلك غنيًا ومباركًا إلى الأبد. — مجلة الريفيو آند هيرالد، ٥ مارس (آذار) ١٩٠٨. CSAr 226.3