الحق نقيض التقاليد الباطلة
كم كان يسوع يتوق لأن يفتح لإسرائيل كنوز الحق! ولكن عماهم الروحي كان عظيماً بحيث غدا من المستحيل عليه أن يكشف لهم عن الحقائق الخاصة بملكوته . لقد ظلوا متشبثين بعقائدهم وطقوسهم الباطلة في حين أن حق السماء كان يعرض نفسه عليهم ليقبلوه . أنفقوا أموالهم على الخرنوب والتبن والأمور التافهة مع أن خبز الحياة كان في متناول أيديهم . فلماذا لم يذهبوا إلى كلمة الله ويفتشوها باجتهاد ليعرفوا هل كانوا على خطإ أم على صواب؟ لقد أبانت أسفار العهد القديم بكل وضوح كل تفاصيل خدمة المسيح ، ومراراً وتكراراً اقتبس المسيح لهم من أقوال الأنبياء قائلا: “ إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم” (لوقا 4 : 21). فلو كانوا قد فحصوا الكتب بأمانة وفحصوا نظرياتهم في نور كلمة الله ، لما التزم يسوع أن يبكي على جحودهم وصلابة قلوبهم ، ولما التزم أن يعلن لهم قائلا: “هوذا بيتكم يترك لكم خراباً!” (لوقا 13 : 35). كان يمكنهم أن يطلعوا على برهان كونه مسيا ، وكان يمكن تلافي تلك الكارثة التي ألصقت مدينتهم المتشامخة بالثرى ، ولكن عقول اليهود كانت قد صارت ضيقة لسبب تعصبهم غير المعقول . لقد كشفت تعاليم المسيح عن نقص أخلاقهم ، ولكن الفرصة قدمت لهم ليتوبوا . فلو قبلوا تعاليمه لتغيرت أعمالهم وكانوا تنحوا عن آمالهم المحبوبة لديهم . فلكي ينالوا مجد السماء كان عليهم أن يضحوا بمجد الناس . ولو أطاعوا أقوال هذا المعلم الجدير لكانوا ساروا على عكس أراء المفكرين والمعلمين العظام الذين عاصروهم.ML 215.2
لم يكن الحق مقبولاً ولا محبوباً في أيام المسيح ، وهو كذلك في هذه الأيام. وهو غير مقبول ولا محبوب منذ جعل الشيطان الإنسان يعافه إذ قدم له الأكاذيب التي من شأنها أن تسوق إلى تعظيم الذات . ألا نصطدم في هذه الأيام بنظريات وتعاليم لا أساس لها في كلمة الله ؟ إن الناس يتشبثون بها بكل إصرار كما قد تمسك اليهود بتقاليدهم.ML 216.1
لقد كانت قلوب رؤساء إسرائيل مفعمة بالكبرياء الروحية . إن تحرقهم على تعظيم ذواتهم بدا حتى في خدمة المقدس . كانوا يحبون المجالس الأولى في المجامع ، والتحيات في الأسواق ، وكانوا يسرون عندما يسمعون الناس ينادونهم بألقاب الشرف . فإذ انحطت التقوى الحقيقية صاروا أشد غيرة على تقاليدهم وطقوسهم.ML 216.2