الطاعة من القلب
إن يسوع يتناول الوصايا كلا على حدة ويوضح عمق كل وصية واتساعها. وبدلا من أن يجردها من حرف أو نقطة من قوتها فهو يرينا مدى اتساع مبادئها ، ويشهر بخطأ اليهود القاتل في تظاهرهم الخارجي بالطاعة . كما يعلن أن الإنسان قد يتعدى شريعة الله عندما يفكر أفكارا شريرة أو ينظر نظرة شهوانية . والإنسان الذي ينحاز إلى أقل ظلم هو كاسر للشريعة ومنحدر بطبيعته الأدبية إلى أعماق الهوان . إن جريمة القتل تُنسج خيوطها أولا في العقل . فالذي يفسح المجال للبغضة في قلبه هو سائر في طريق القتلة المجرمين . وذبائحه وتقدماته تمسي كريهة في نظر اللهML 286.3
كان اليهود يضمرون حب الانتقام. ففي كراهيتهم للرومان كانوا يشهرون بهم بكلام قاس . وقد أرضوا عدو الخير في التشبه به في إظهار صفاته الشريرة . وهكذا كانوا يدربون أنفسهم على القيام بالأعمال المخيفة التي كان يقودهم إليها ، فلم يكن في حياة الفريسيين الدينية ما يحبب الأمم في التقوى . وقد أمرهم يسوع بألا يخدعوا أنفسهم بفكرة كونهم في قلوبهم يثورون على غاضبيهم ومضطهديهم ويحتضنون الشوق للانتقام للمظالم التي قد وقعت عليهم.ML 287.1
أجل ، إنه يوجد غضب مشروع حتى ولو كان بين أتباع المسيح. فعندما يرون اسم الله مهانا وخدمته محتقرة ، وحين يرون الظلم يحيق بالأبرياء فإن الغضب المقدس يضطرم في نفوسهم . مثل هذا الغضب الذي مبعثه الأخلاق الحساسة ، يعتبر خطية .ولكن أولئك الذين لدى أقل إثارة أو إغاظة يطلقون لسخطهم العنان ويسمحون لأنفسهم بالتورط في الغضب أو الحنق يعطون إبليس في قلوبهم مكانا . فينبغي لنا أن نبعد عن نفوسنا كل مرارة وعداء إذا أردنا أن نكون في حالة وفاق مع السماء.ML 287.2
ثم استطرد المخلص إلى التصريح بما هو أبعد من ذلك فقال : “فإن قدّمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكّرت لأن لأخيك شيئاً عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك، وحينئذ تعال وقدّم قربانك” (متى 5 : 23، 24). إن كثيرين من الغيورين في خدماتهم الدينية توجد بينهم وبين أخوتهم خلافات محزنة كان يمكنهم تسويتها . إن الله يريدهم أن يبذلوا كل ما في طوقهم لإقرار السلام . وما لم يفعلوا ذلك فلا يمكنه أن يقبل خدماتهم أو يرضى عنها . إن الواجب المسيحي لواضح من هذا القبيل.ML 287.3