المعاشرة و التأدب المسيحيان
إن شعب الله لم ينسجم مع الروح الإجتماعية إلا قليلاً. فعلى مدارسنا ألا تقفل هذا الحقل التعليمي المهم أو تهمله.SM 427.1
ينبغي أن يتعلم الطلاب أنهم ليسوا ذرات مستقلة، بل إن كلا منهم هو خيط يجب أن ينضم إلى خيوط أخرى، مؤلفة معاً نسيجاً. و ليس من دائرة يمكن أن يعطي هذا التعليم فيها بصورة فعالة، مثل مدرسة البيت، حيث تحيط بالطلاب الفرص الكفيلة، إذا هم اغتنموها، بأن تعينهم إلى حد كبير في تنمية مزايا أخلاقهم الإجتماعية، ففي طاقة يدهم أن يستعملوا وقتهم للمنفعة و يغتنموا ما يعرض لهم من فرص بحيث يصوغون من الصفات ما يجعلهم سعداء و نافعين. أما الذين ينطوون على أنفسهم ولا يرغبون في العمل على جلب البركات للآخرين عن طريق المعاشرات الودية، فإنهم يخسرون الكثير من البركات، لأن الخلطة المتبادلة من شأنها أن تجلو العقول و تصقلها. و بهذه الخلطة الإجتماعية يجري تعارف، كما تعقد صداقات تفضي إلى إتحاد القلوب و تشيع جواً من المحبة المرضية أمام السماءSM 427.2
والذين يذوقوا محبة المسيح ينبغي لهم بنوع خاص أن ينمو قواهم الإجتماعية، لأنهم قد يربحون بواسطتها نفوساً للمخلص. ينبغي ألا يخبّئوا المسيح في قلوبهم فيحجبوه عن الآخين و كأنه كنز خصوصي، كنز مقدس و حلو يجب أن يتمتعوا به هم وحدهم. و محبة المسيح ينبغي إظهارها ليس فقط نحو أولئك الذين يجرون على هواهم. يجب أن يتعلم الطلاب مثال المسيح في إظهار الإهتمام المترفق و المؤانسة لمن هم في أشد الحاجة، حتى لو لم يكن هءلاء من عشرائهم المختارين. لقد أظهر يسوع في كل الأوقات و الأمكنة اهتماماً مملوءاً محبة و عطفاً نحو الأسرة البشرية و أشاع حوله جواً من الورع البهج، فينبغي أن يعلّم الطلاب السير في خطواته. ينبغي أن يعلّموا الإهتمام المسيحي و العطف و المحبة للشبيبة زملائهم و يسعوا ليجذبوهم إلى يسوع. و ينبغي أن يكون المسيخ في قلوبهم مثل بئر ماء ينبع إلى حياة أبدية منعشاً جميع الذين يتصل بهم.SM 428.1
هذه الخدمة الطوعية الحبية لأجل الآخرين في وقت الحاجة هي التي تقدرها السماء و تجلها فالطلاب حتى في أثناء حضورهم المدرسة يمكنهم، إن كانوا على استقامة، أن يكونوا مرسلين أحياء لله، كل هذا يستغرق وقتاً، غير أن الوقت المستعمل هكذا إنما يستعمل للمنفعة، إذ يتعلم التلميذ بذلك كيف يقدم المسيحية للعالم.SM 428.2
لم يرفض المسيح الإختلاط بالآخرين في الإجتماعات الودية، فكان إذا دعاه فريسي أو عشار إلى عرس، قبل الدعوة. و في مناسبات كهذه كانت كل كلمة تلفظ بها رائحة حياة لحياة لسامعيه، إذ جعل من ساعة تناول الطعام فرصة إعطاء دروس ثمينة تناسب حاجاتهم، و بذلك علم المسيح تلاميذه كيف يتصرفون في أثناء وجودهم مع غير المتدينين أيضاً — (6 ه : 172 و 173).SM 429.1
* * * * *