عمل الروح القدس
إن حياة المسيحي ليست ترقيعاً و لا تعديلاً و لا إصلاحاً لحياته القديمة و لكنها تغيير يشمل الطبيعة كلها. ينبغي أن يموت الإنسان عن الذات و الخطية و يحيا حياة جديدة في كل شيء. و هذا التغيير لا يمكن أن يتم بغير عمل الروح القدس الفعال.SM 159.2
كان نيقوديموس لا يزال غارقاً في حريته و ارتباكه، فاستعار يسوع الريح لتمثيل معنى كلامه قائلاً: “الريح تهب حيث تشاء و تسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي و لا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح”.SM 159.3
إن الريح يسمع صوته من خلال أغصان الشجر و هي تحف في الأوراق و تداعب الأزهار، و لكنها لا ترى بالعين، ولا يعرف أحداً من أين تأتي و لا إلى أين تذهب، هكذا عمل الروح القدي في القلب، إذ لا يمكن إيضاحه أكثر مما يمكن إيضاح حركات الريح. قد لا يستطيع الإنسان أن يذكر نفس اليوم أو المكان أو يتتبع كل الظروف الملازمة للتجديد أو الميلاد الثاني، و لكن هذا لا يعني أنه غير متجدد، إذ بوسيلة غير منظورة كالريح يعمل المسيح عمله في القلب على الدوام. فهنالك انطباعات تجذب النفس إلى المسيح شيئاً فشيئاً، وربما لا يشعر الإنسان بها، و يمكن أن يتم ذلك عن طريق التأمل في يسوع بواسطة قراءة كلمة الله أو سماع عظة من واعظ غيور، و فجأة إذ يجيء الروح بدعوة مباشرة تخضع النفس ليسوع راضية. كثيرون يدعون هذا تجديداً مفاجئاً، و لكنه يأتي نتيجة لدعوات روح الله و تودده إلى النفس، و هذه عملية طويلة الأمد تتطلب الصبر.SM 160.1
و مع أن الريح لا ترى بالعين فإنها تحدث نتائج نراها و نحس بها، هكذا عمل الروح في النفس، فهو يعلن عن نفسه في كل عمل يعمله من قد أحس بقوته المخلصة. عندما يملك روح الله على القلب يغير الحياة. فالأفكار الشريرة تطرد بعيداً، و الأعمال الخاطئة يبتعد الإنسان عنها. وفي موضع الحسد و الغضب و الخصام تملك المحبة و الوداعة و السلام، و يحل الفرح محل الحزن و الكآبة و تسطع على الوجه أنوار السماء. ليس من أحد يرى اليد التي ترفع الأثقال، أو يبصر النور ينزل من مواطن السماء. إن البركة تجيء عندما تسلم النفس ذاتها لله...SM 160.2
إنه لا يمكن للعقول المحدودة أن تدرك عمل الفداء، فهو سر يسمو فوق كل معرفة بشرية. و مع ذلك فإن من ينتقل من الموت إلى الحياة يتحقق من أن ذلك حقيقة إلهية. من هنا يمكننا أن نعرف بداءة الفداء بالإختبار الشخصي، و نتائجه ستتصل بدهور الأبد — (مشتهر الأجيال ص 151 و 152).SM 161.1