مصلحان يعلنان الحق
وفي عام ١٥١٢ ، قبلما بدأ لوثر أو زوينجلي عمل الاصلاح، كتب ليففر يقول: ”ان الله هو الذي يمنحنا بالايمان ذلك البر الذي بالنعمة وحدها يبرر للحياة الابدية“ (١٨٤). واذ كان يتأمل في أسرار الفداء صاح قائلا: ”ما أعظم تلك المقايضة التي لا توصف ! فالبار قد دين والمجرم اطلق حرا، المبارك يحمل اللعنة والملعون ينال البركة، معطي الحياة يموت والموتى يحيون، المجد يغوص في الظلام وذاك الذي لم يعرف غير خزي الوجوه يتسربل بالمجد“ (١٨٥).GC 237.1
وفيما كان يعلِّم ان مجد الخلاص ينسب الى الله وحده أعلن أيضا ان الطاعة واجبة على الانسان . قال: ”اذا كنت عضوا في كنيسة المسيح فأنت عضو في جسده، فان كنت عضوا في هذا الجسد فأنت اذاً ممتلئ بالطبيعة الالهية ... آه لو أمكن أن يدرك الناس هذا الامتياز فكم كانوا يعيشون حياة الطهارة والعفاف والقداسة، كم كانوا ينظرون باحتقار الى مجد هذ ا العالم بالمقارنة مع المجد الذي في داخلهم، ذلك المجد الذي لا تستطيع أن تراه عيون البشر!“ (١٨٦).GC 237.2
وقد وُجد بين طلبة ليففر جماعة كانوا يصغون إلى أقواله بشوق ولهفة، طلبة كانوا سيواظبون على اعلان الحق بعد ان يصمت صوت استاذهم . وقد ك ان وليم فارِل واحدا من هؤلاء . هذا الطالب، اذ كان ابنا لابوين تقيين وقد تربى على قبول تعاليم الكنيسة بايمان وطيد، كان يسعه أن يقول ما قاله بولس الرسول: ”حسب مذهب عبادتنا الاضيق عشت فريسيا“ (أعمال ٦٢ : ٥). ولما كان كاثوليكيا قحا التهب قلبه غيرة لاهلاك كل من يج رؤ على مقاومة الكنيسة . وقد قال بعد ذلك وهو يشير الى هذه الفترة من حياته: ”كنت أصر بأسناني كذئب ضار حين كنت أسمع انسانا يتكلم بالسؤ ضد البابا“ (١٨٧). وكان دائبا في تمجيد القديسين بجهد لا يكل حين كان يصحب ليففر في جولاته لزيارة كنائس باريس، فيسجد أمام المذبح ويزين المزارات المقدسة بالهداي ا. لكنّ هذه الفرائض لم تستطع أن تمنح نفسه السلام، فقد لازمه تبكيت شديد على خطاياه بحيث ان كل الاعمال التكفيرية التي مارسها لم تُبعد عنه ذلك التبكيت . وقد أصغى الى أقوال المصلح كما لو كانت صوتا جاءه من السماء حين قال: ”ان الخ لاص هو بالنعمة... لقد دين البريء أما المجرم فأطلق سراحه ... وصليب المسيح وحده هو الذي يفتح أبواب السماء ويغلق أبواب الجحيم“ (١٨٨).GC 237.3
وبفرح عظيم قبل فارل هذا الحق . فاذ كان اهتداؤه كاهتداء بولس تحول بعيدا من عبودية التقاليد الى حرية أولاد الله . وهو يقول: ”بدلا من القلب الفتاك لذئب مفترس عاد بهدوء حملا وديعا عديم الاذى اذ انسحب قلبه بعيدا من البابا وأعطي ليسوع المسيح“ (١٨٩).GC 238.1