اتضاح الحق له
واذ حاول أن يلقي جانبا الآراء المعروفة من قبل ويستغني عن التفاسير جعل يقارن أقوال الكتاب بعضها ببعض بمساعدة الشواهد وفهرس الكتاب . وقد تابع دراسته على نحو منظم منهجي مبتدئا من سفر التكوين، فكان يقرأ آية فآية، ولم يتعجل، قاصراً دراسته على بضع فقرات حتى يتضح له المعنى ولا تسبب له أي ارتباك . وعندما كان يجد شيئاً ملتبسا أو غامضا كان معتادا أن يقارنه بكل آية أخرى لها صلة بالمسألة التي هي موضوع تفكيره . ولقد جعل لكل كلمة علاقة خاصة بموضوع الآية، فاذا كان رأيه فيها متفقا مع نص موازٍ آخر تكف عن أن تُعتبر مشكلة بعد ذلك . وعندما كان يأتي الى فصل يصعب فهمه كان يجد له تفسيرا في فصل آخر من الكتاب . واذ كان يدرس مص ليا بحرارة في طلب الانارة الالهية، فما كان يبدو غامضا على فهمه من قبل كان يتضح أمامه الان . لقد اختبر صدق كلام صاحب المزامير حين قال: ”فتح كلامك ينير يعقل الجهال“ (مزمور ١١٩ : ١٣٠).GC 356.2
وباهتمام عظيم درس سفري دانيال والرؤيا مستخدما مبادئ التفسير نفسها ك ما في الاسفار الاخرى، ولشدة فرحه وجد أن الرموز النبوية يمكن فهمها. وقد رأى أن النبوات على قدر ما تمت، تمت حرفيا؛ وحتى كل الرموز المختلفة والاستعارات والامثال والمشابهات كانت موضحة في علاقتها المباشرة، أو أن التعبيرات التي وردت فيها وضحت في مواضع أخرى من ا لكتاب المقدس، وعندما وُضحت هكذا فُهمت فهما حرفي ا. ثم يقول: ”وهكذا اقتنعت أن الكتاب المقدس هو نظام حقائق معلنة، وهي مقدمة بكل وضوح وبساطة، بحيث أن أي عابر طريق ولو كان جاهلا لا يحتاج الى أن يخطئ فيها“ (٢٩٣). وقد كوفئت جهوده اذ كان يتتبع خطوط النبوة العظيمة خطوة بعد خطوة، وحلقة بعد أخرى من حلقات سلسلة الحق . وكان ملائكة السماء يقودون افكاره ويكشفون أمام عقله حقائق الاسفار الالهية.GC 356.3