الثبات في وجه المقاومة
أما البناة الامناء القليلون الذين كانوا يبنون على الاساس الحقيقي الراسخ (١ كورنثوس ٣ : ١٠ و ١١) فقد تحيروا وارتبكوا وتعطلوا اذ اعاقتهم ركام التعليم الكاذبة عن القيام بعملهم . وعلى غرار البناة الذين كانوا يرفعون أسوار اورشليم في عهد نحميا كان بعضهم موشكين أن يقولو ا: ”قد ضعفت قوة الحمالين والتراب كثير ونحن لا نقدر ان نبني السور“ (نحميا ٤ : ١٠). لقد انهكتهم المنازعات والكفاح ضد الاضطهاد والخداع والغش والاثم والخيانة وكل العوائق الاخرى التي استطاع الشيطان ابتكارها ليمنع ويعطل تقدمهم . وكثيرون من البنائين الامناء خارت عزائمهم، ولانهم كانوا يَنشدون السلام ويحرصون على صيانة املاكهم وارواحهم ارتدوا عن الاساس الحقيقي . أما الآخرون الذين زادتهم مقاومة اعدائهم شجاعة فوق شجاعتهم فقد اعلنوا قائلين بلا خوف: ”لا تخافوهم بل اذكروا السيد العظيم المرهوب“ (نحميا ٤ : ١٤) فساروا في عملهم قُدما وكل منهم سيفه على فخذه ( افسس ٦ : ١٧).GC 62.3
ان الروح نفسها، روح كراهية الحق ومقاومته، قد اوغرت صدور اعداء الله في كل عصر، وكان مطلوبا من شعب الله ان يُظهروا اليقظة والولاء نفسيهم ا. وينطبق قول المسيح الى تلام يذه الاولين ”ما اقوله لكم اقوله للجميع اسهروا“ (مرقس ١٣ : ٣٧) على كل اتباعه الى انقضاء الدهر.GC 63.1
وقد بدا كأن الظلمة تزداد حلوكة وهولا، فعمت عبادة الصور، وكان الناس يوقدون أمامها الشموع ويتلون امامها الصلوات، وتفشت أسخف العادات الخرافية كما تحكمت الخرافات ف ي عقول الناس حتى بدا كأن العقل اضاع سلطانه . واذ كان الكهنة والاساقفة انفسهم محبين اللهو والملذات وكانوا شهوانيين فاسدين، كان من المتوقع من الشعب الذي كان يقتدي بهم ويترسم خطاهم ان ينحدر الى عمق اعماق الجهل والرذيلة. GC 63.2
ثم خطت البابوية خطوة اخرى في طريق الادع اء عندما أعلن البابا غريغوريوس السابع في القرن الحادي عشر عصمة كنيسة روما وكمالها، فمن بين المقترحات التي ارتآها وأذاعها قوله بأن الكنيسة لم ولن تخطئ طبقا للكتب المقدسة. الا أن البراهين الكتابية لم تدعم ذلك التصريح . وقد أعلن ذلك البابا المتكبر ايضا أن له ا لسلطان ان يخلع الاباطرة، وان احدا من الناس كائنا من يكون لا يحق له ان يلغي احكامه او يبطلها، اما هو فمن حقه ان يلغي احكام الآخرين (انظر التذييل).GC 63.3