هروب أنبل المواطنين الفرنسيين
”وندر ان كان هنالك جيل من الفرنسيين مدى تلك الحقبة الطويلة لم يشهد تلاميذ الانجيل وهم يفرون أمام هياج المضطهدين المجنون حاملين معهم الذكاء والفنون و العمل والنظام التي تفوقوا فيها تفوقا عظيما ليغنوا بها البلدان التي لجأوا اليها. وبقدر م ا أغدقوا من هذه الهبات على الممالك الاخرى حُرم وطنهم منها. ولو أن كل ما نُقل من فرنسا بقي فيها، ولو بقيت المهارة الصناعية التي كان يملكها هؤلاء المنفيون لتزرع أرضها مدى هذه الثلاث مئة سنة، ولو ظلت هواياتهم الفنية تُصلح من شأن صناعاتها مدى تلك السنين، ولو أنه في خلال هذه السنين الطوال استخدم ذكاؤهم وقوة ابتكارهم وقوتهم التحليلية العقلية في إغناء آدابهم وغرس علومهم، ولو كانت حكمتهم تهدي بلادهم في مشوراتها، وشجاعتهم تخوض معاركها، ومساواتهم وع دالتهم تكوِّن شرائعها، ولو أن ديانة الكتاب المقدس كانت تقوي عقول الشعب وتتحكم في ضمائرهم فما كان أعظم المجد الذي كان اليوم يطوق عنق فرنسا! وكم كانت تصير بلادا عظيمة وناجحة وسعيدة! وكم كانت تصير نموذجا عظيما تنسج على منواله كل الامم!GC 311.1
”لكنّ التعصب العنيد الاعمى طرد من أرضها كل معلم للفضيلة وكل بطل من أبطال النظام وكل مدافع أمين يذود عن العرش. فلأولئك الرجال الذين كانوا يستطيعون أن يجعلوا بلادهم ”اسما ومجدا“ في الارض، قال التعصب: اختاروا واحدا من هذين: الحرق أو النفي. وأخيرا اكتمل خراب الامة لم يبقَ هنالك رجل ذو ضمير ليُحرم، ولا رجل متدين ليحرق بالنار، ولا رجل محب لوطنه لينفى بعيدا“ (٢٥٤). فكانت الثورة بكل رعبها هي النتيجة الوبيلة.GC 311.2