صمود غير متزعزع
لو كان المصلح قد استسلم في بند واحد لكانت النصرة للشيطان وجنوده . لكنّ ثباته الذي لم يتزعزع كان هو وسيلة تحرير الكنيسة وبدء عهد جديد افضل . فهذا الرجل الفرد، الذي تجرأ على أن يفكر ويتصرف لنفسه في الشؤون الدينية، كان مو شكا أن يحدث تأثيرا في الكنيسة والعالم ليس في عهده هو فقط بل في كل العصور اللاحقة . وثباته وولاءه سيقويان الجميع الى انقضاء الدهر عندما يجوزون في مثل ذلك الاختبار . لقد وقفت قوة الله وجلاله فوق مشورات الناس وفوق قوة الشيطان الهائلة.GC 184.1
ثم صدر أمر الامبراطور الى لوثر بالعودة الى وطنه . وقد عرف أن هذا الامر ستتبعه حتما ادانته سريع ا. لقد تجمعت في طريقه السحب المنذرة بالخطر . ولكن فيما كان راحلا عن ورمس امتلأ قلبه فرحا وسلام ا. قال: ”ان الشيطان نفسه يحرس قلعة البابا لكنّ المسيح قد أحدث ثغرة فيها وأجبر الشيطان على الاعتراف بأن الرب أقوى منه“ (١١٢).GC 184.2
فبعد رحيله اذ كان لوثر لا يزال راغبا في الا يُفهم ثباته، خطأً، على أنه تمرد، كتب الى الامبراطور يقول: ”الله العارف القلوب يشهد انني راغب جد الرغبة في اطاعة جلالتكم في كل ما يؤول الى الكرامة أو الهوان، في الحياة أو الموت، ما ع دا كلمة الله التي بها يحيا الانسان . ففي كل شؤون الحياة الحاضرة لن يتأثر ولائي لجلالتكم، لأن الخسارة او المكسب في هذه الحياة لا يؤِثران في الخلاص. ولكن في ما يختص بالمصالح الابدية لا يريد الله أن يخضع انسان لانسان آخر، لان مثل هذا الخضوع في الامور الروحية ه و عبادة حقيقية،وهذه العبادة ينبغي عدم تقديمها لغير الخالق وحده“ (١١٣).GC 184.3
وعند رحيل لوثر عن ورمس كان استقبال الناس له في عودته يحمل شيئا من التملق أكثر مما كان عند سفره اليه ا. لقد رحب بعض النبلاء من رجال الاكليروس بذلك الراهب المحروم . وقد أكرم الحكام المدنيو ن الرجل الذي شهَّر به الامبراطور،وألحوا عليه في أن يبشر . وعلى رغم نهي الامبراطور صعد لوثر مرة أخرى الى المنبر وقال: ”... إني لم أتعهد أبداً أن أقيد كلمة الله، كلا ولن“ (١١٤).GC 184.4