محاولات للمساومة
أما فريدريك منتخب سكسونيا فقد كانت لديه خطة مدروسة،وهو بكل حرص أخفى مشاعره الحقيقية تجاه المصلح،بينما كان في الوقت نفسه يحرسه بيقظة لا تعرف الكلال،مراقبا تحركاته وتحركات كل خصومه . ولكن كان هنالك كثيرون ممن لم يحاولوا اخفاء عطفهم على لوثر . لقد زاره امراء وكونتات وبارونات وشخصيات كثيرة شهيرة من العلمانيين والاكليرو س. وقد كتب سبالاتين يقول: ”ان غرفة الدكتور الصغيرة لم تكن تتسع لكل الزوار الذين قدموا انفسهم اليه“ (١٠٧). وكان الشعب يشخصون اليه كما لو كان أعظم من انسان . وحتى اولئك الذين لم يكونوا يؤمنون بتعاليمه كانوا معجبين بالاستقامة الرفعية التي ا تصف بها هذا الرجل فجعلته يفضل الموت على مخالفة ضميره.GC 182.2
بذلت جهود جدية للحصول على موافقة لوثر على عقد اتفاق مع روما. وصوَّر له الامراء والنبلاء انه ان أصر على التشبث بحكمه ورأيه ضد حكم الكنيسة والمجامع فسينفى بعيدا من الامبراطورية بعد قليل ولن يكون هنالك حصن يحميه. فأجابهم لوثر على ذلك بقوله: ”ان انجيل المسيح لا يمكن أن يبشر به من دون عثرة ... اذاً فلماذا تفصل المخاوف المتوقعة بيني وبين الرب أو بيني وبين كلمته الالهية التي هي وحدها الحق؟ كلا، فأنا افضل بدلا من ذلك أن أسلم جسدي ودمي وحياتي للخطر والموت“ (١٠٨).GC 183.1
ومرة اخرى الحوا عليه في الخضوع لحكم الامبراطور وحينئذ لن يكون هنالك ما يخافه . فأجاب قائلا: ”أنا راضٍ من كل قلبي أن يفحص الامبراطور والامراء بل حتى احقر مسيحي كتبي ويحكموا عليها بشرط واحد هو أن يتخذوا كلمة الله نبراسا لهم، اذ ينبغي للناس أن يطيعوه ا. لا تستخد موا العنف ضد ضميري الذي هو مقيد ومرتبط بكلمة الله“ (١٠٩).GC 183.2
وقد أجاب على التماس آخر بقوله: ”اني راضٍ أن أتخلى عن صك الامان المعطى لي فأنا أضع شخصي وحياتي بين يدي الامبراطور . ولكن لن يحدث أن أتخلى عن كلمة الله ابدا!“ (١١٠). وقرر أنه يرغب في النزول على حكم مج مع عام بشرط أن يُطلب من ذلك المجمع أن يحكم بموجب الكتاب المقدس . ثم أضاف قائلا: ”في كل ما يختص بكلمة الله والايمان يصلح كل مسيحي أن يكون قاضيا كالبابا سواء بسواء حتى لو كان يسند البابا مليون مجمع“ (١١١). أخيرا اقتنع الاصدقاء والاعداء كلهم أنه لا جدوى من محاولة عقد صلح بعد ذلك.GC 183.3