Loading...
Larger font
Smaller font
Copy
Print
Contents

الصراع العظيم

 - Contents
  • Results
  • Related
  • Featured
No results found for: "".
  • Weighted Relevancy
  • Content Sequence
  • Relevancy
  • Earliest First
  • Latest First
    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents

    صمت دي بركين

    لم يلتفت الى العربة التعسة التي ركب فيها ولا الى نظرات التجهم والعبوس التي كان يوجهها اليه مضطهدوه، ولا الى الموت المخيف الذي كان ماضيا اليه . فهذه لم يكترث لها، لكنّ ذاك الحي الذي كان ميتا وهو حي الى أبد الآبدين والذي له مفاتي ح الهاوية والموت كان واقفا الى جواره . كان وجه دي بركين يتألق بنور السماء وسلامها. وكان قد لبس ثيابا فاخرة، اذ ارتدى معطفا من المخمل وصديريا من الاطلس والدمقس وجوربا ذهبيا“ (١٩٤). كان مزمعا أن يشهد لايمانه في محضر ملك الملوك وسكان المسكونة المشاهدين، وما كان ينبغي أن تظهر علامة من علائم الحزن لتكذب فرحه أو تعكره.GC 242.3

    واذ كان الموكب يسير ببطء في الشوارع المزدحمة لاحظ الناس بدهشة السلام الصافي والنصرة الفرحة في نظراته وهيئته، فقالوا: ”انه يشبه انسانا جالسا في هيكل يتأمل في الامور المقدسة“ (١٩٥).GC 243.1

    وعندما جيء به الى مكان الاعدام حاول دي بركين أن يخاطب الشعب قليلا، ولكن اذ كان الرهبان يخشون مغبة ذلك بدأوا يصيحون وبدأ الجنود يصلون أسلحتهم فلم يستطع أحد أن يسمع صوت الشهيد . وهكذا ففي عام ١٥٢٩ قامت أعلى السلطات الادبية والاكليريكية لمدينة باريس المهذبة المثقفة ”باعطاء غوغاء [ الثورة الفرنسية ] في العام ١٧٩٢ مثالا دنيئا عن كيفية اسكات أصوات المحتضرين المقدسة وهم على المشنقة“ (١٩٦).GC 243.2

    وقد شُنق دي بركين وأحرقت جثته في النار . فكان خبر موته محزنا لاصدقاء الاصلاح في فرنسا كله ا. لكن مثاله لم يذهب ضياع ا. فلقد قال شهود الحق: ”اننا نحن أيضا على أتم استعداد لمواجهة الموت بفرح ونحن ناظرون الى الحياة الآتية“ (١٩٧).GC 243.3

    وفي أثناء الاضطهاد الذي وقع في مو حُرم معلمو الايمان المصلَح من الترخيص المعطى لهم للتبشير فرحلوا الى حقول اخرى . وبعد قليل سافر ليففر الى الماني ا. أما فارل فعاد الى مسقط رأسه في شرقي فرنسا لينشر النور حيث قضى سني طفولته . وكانت قد وصلت الى هناك أخبار عن الاحداث الجارية في مو، فوجد الحق الذي علَّم به المصلِح بغيرة لا تعرف الخوف مَن يستمعون اليه . ولكن سرعان ما ثارت السلطات لاسكاته فنفي من المدينة.GC 243.4

    ومع أنه لم يعد في مقدوره ان يخدم جهارا فقد جال في الارياف والقرى معلما الناس في مساكنهم الخاصة ومراعيهم المنعزلة، وكان يأوي الى الغابات والكهوف المنقورة في الصخور التي كان يلجأ إليها في حداثته . وكان الله يُعدّه لتجارب اقسى . وقد قال مرة: ”ان ا لصلبان والاضطهادات ودسائس الشيطان التي سبق أن أنذرت بها كان يوجد منها الشيء الكثير، وهي أقسى من أن استطيع احتمالها من تلقاء نفسي، لكنّ الله هو أبي فلقد أمدني بالقوة التي أحتاج اليها وهذا هو ما يصنعه بي دائما“ (١٩٨).GC 244.1

    وكما حدث في أيام الرسل كذلك حدث حينئذ أن الاضطهادات ”آلت أكثر الى تقدم الانجيل“ (فيلبي ١ : ١٢ ). فاذ طردوا من باريس ومو ”فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة“ (أعمال ٨ : ٤). وهكذا شق النور لنفسه طريقا في كثير من مقاطعات فرنسا النائية.GC 244.2

    Larger font
    Smaller font
    Copy
    Print
    Contents