الدعوة الى النهوض
والنبي أرميا اذ نظر الى هذا الوقت المخيف صاح قائلا: ”توجعني جدران قلبي... لا أستطيع السكوت لانكِ سمعتِ يا نفسي صوت البوق وهتاف الحرب. بكسر على كسر نودي“ (ارميا ٤ : ١٩ و ٢٠).GC 345.3
”ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشدة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام يوم سحاب وضباب. يوم بوق وهتاف“ (صفنيا ١: ١٥ و ١٦). ”هوذا يوم الرب قادم... ليجعل الأرض خراباً ويبيد منها خطاتها“ (أشعيا ١٣ : ٩).GC 346.1
وفي نور ذلك اليوم العظيم تدعونا كلمة الله بلغة مهيبة ومؤثرة وتدعو شعب الله كله لينهضوا من سباتهم الروحي ويلتمسوا وجهه بالتوبة والتذلل، فيقول: ”اضربوا بالبوق في صهيون صوِّتوا في جبل قدسي . ليرتعد جميع سك ان الارض لأن يوم الرب قادم لأنه قريب“ .”قدسوا صوما نادوا باعتكاف . اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة احشدوا الشيوخ اجمعوا الاطفال... ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلته ا. ليبكِ الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح “. ”ارجعوا اليَّ بكل قلوبكم وبالص وم والبكاء والنوح . ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا الى الرب الهكم لانه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة“ (يوئيل ٢ : ١ و ١٥ — ١٧ و ١٢ و ١٣).GC 346.2
ولاجل اعداد شعب الرب للوقوف في يوم الله كان لا بد من اجراء اصلاح عظيم. لقد رأى الله أن كثيرين من المعترفين بأنهم شعبه لم يكونوا يبنون للابدية. ففي رحمته كان من المنتظَر أن يرسل اليهم رسالة انذار لايقاظهم من خمولهم وليجعلهم يستعدون لمجيء الرب.GC 346.3
وهذا الانذار نجده في (رؤيا ١٤). ففي هذا الاصحاح توجد رسالة مثلثة، وهي موصوفة بانها معلنة على أفواه خلائق سماوية، ويتبع ذلك مب اشرة مجيء ابن الانسان ليجمع ”حصيد الارض“. وأول هذه الانذارات يعلن عن الدينونة المقبلة. لقد رأى النبي ملاكا طائرا ”في وسط السماء معه بشارة ابدية ليبشر الساكنين على الارض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب قائلا بصوت عظيم خافوا الله وأعطوه مجدا لانه قد جاءت ساعة دينونته واسجدوا لصانع السماء والارض والبحر وينابيع المياه“ (رؤيا ١٤ : ٦ و ٧).GC 346.4
هذه الرسالة أعلن عنها أنها جزء من ”البشارة الابدية“. فالكرازة بالانجيل لم يكلف بها الملائكة بل الناس، لكنّ الملائكة القديسين كلفوا بتوجيه وادارة هذا العمل. لقد وُكلت اليهم الحركات العظيمة لاجل خلاص الناس . الا أن الاعلان الفعلي للانجيل يقوم به خدام المسيح على الارض.GC 347.1
فالناس الامناء الذين كانوا مطيعين إلهام روح الله وتعاليم كلمته كان عليهم أن يعلنوا هذا الانذار للعالم . انهم هم الذين انتبهوا الى ”الكلمة النبوية وهي أثبت“ وهي السراج المنير ”في موضع مظلم الى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح“ (٢ بطرس ١ : ١٩). لقد كانوا يطلبون معرفة الله أكثر من كل الكنوز اذ حسبوا تجارتها خيرا من تجارة الفضة وربحها خيرا من الذهب الخالص“ (أمثال ٣: ١٤). والرب قد أعلن لهم عظائم ملكوت ه: ”سر الرب لخائفيه لتعليمهم“ (مزمور ٢٥ : ١٤).GC 347.2