سبب الحالة
مثل هذه الحالة لا يمكن أن توجد من دون أن تكون العلة في الكنيسة نفسها. فالظلمة الروحية التي تكتنف الامم والكنائس والافراد لا تعزى الى تعسف الله في سحب امدادات نعمته الالهية بل الى اهمال الانسان أو رفضه النور الالهي . وان لنا في تاريخ الشعب اليهودي في عهد المسيح مثلا رائعا على صدق هذا الكلام . فلكونهم أحبوا العالم ونسوا الله وكلمته عميت أذهانهم وصارت قلوبهم أرضية وشهوانية . وهكذا جهلوا كل شيء عن مجيء مسيا، وفي كبريائهم وعدم ايمانهم رفضوا الفادي . وحتى في ذلك الحين لم يحرم الله الامة اليهودية من معرفة بركات الخلا ص او الاشتراك فيه .لكنّ الذين رفضوا الحق ما عادت لهم بعد ذلك رغبة في الحصول على هبة السماء . لقد كانوا ”يقولون للظلام نورا وللنور ظلاما“ الى أن صار النور الذي كان فيهم ظلام ا. وما كان أعظم ذلك الظلام!GC 418.1
أنه مما يروق لسياسة الشيطان أن يُبقي الناس على صورة الديانة وطقوسها اذا كان يعوزهم روح التقوى الحيوية . ان اليهود بعدما رفضوا الانجيل ظلوا محتفظين بطقوسهم القديمة بكل غيرة، كما ظلوا محتفظين بانطوائهم القومي في حين انهم هم انفسهم لم يسعهم الا التسليم بأن الله ما عاد يعلن حضوره بينهم . ان نبوة دانيال اشارت اشار ة لا تخطئ الى وقت مجيء مسيا، وانبأت نبوة مباشرة بموته الى حد أنهم لم يشجعوا أحدا على دراستها، وأخيرا نطق أحبار اليهود باللعنة على كل الذين حاولوا تقدير الزمن أو معرفته . وطوال ثمانية عشر قرنا ظل اليهود سادرين في عماهم وتحجر قلوبهم وهم عديمو الاكتراث لهبات الخلاص الرحيمة، وغير حافلين ببركات الانجيل، وكان ذلك انذاراً خطيرا ومخيفا بخطر رفض النور الآتي من السماء.GC 418.2
وأينما يوجد السبب فلا بد أن تتبعه النتائج نفسه ا. ان من يتعمد اخماد اقتناعاته بالواجب لأن ذلك يتعارض مع ميوله لن يعود قادرا بعد ذلك على التمييز بين الحق والضلال . فالفهم تغشاه الظلمة، والضمير لا يعود يتأثر، والقلب يتقسى، والنفس تنفصل عن الله . فأينما يركل الناس رسالة الحق الالهي أو يستخفون بها فالكنيسة تلف في أكفان الظلام، ويفتر الايمان والمحبة، ويقتحم الكنيسة النفور والخصومات، وأعضاء الكنيسة يركزون مصالحهم وجهودهم في الممارسات العالمية، ويمعن الخطأَة في صلابة قلوبهم.GC 419.1