مشتتون في كل الارض
واذ تطلع عبر الاجيال رأى الشعب المختار مشتتين في كل البلدان ”كحطام سفينة على شاطئ مهجور“. رأى في القصاص المؤقت الموشك ان يقع على ابناء تلك المدينة اول جرعة من جرعات كأس الغضب الذي لا بد ان يشربوه حتى الثمالة في الدينونة الاخيرة . وقد نطقت رأفته الالهية ومحبته المشتاقة بهذا القول النائح الحزين:” يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا“! ( متى ٢٣ : ٣٧ ). ايتها الامة المنعم عليها من دون جميع الامم ليتك عرفت زمان افتقادك، وما هو لسلامك ! لقد أبعدت عنك سيف ملاك العدل، ودعوتك الى التوبة و لكن عبث اً.انكم لم ترفضوا او ترذلوا العبيد والانبياء وحدهم بل قدوس اسرائيل فاديكم . فلئن هلكتم فعليكم انتم تقع تبعة هلاككم فلا تلومُنَّ الا انفسكم. ” ولا تريدون أن تأتوا اليَّ لتكون لكم حياة “ (يوحنا ٥ : ٤٠).GC 26.1
لقد رأى المسيح في اورشليم رمزًا للعالم الذي تقسى في عدم الايمان والتمرد والذي يسرع ليلقي بنفسه تحت طائلة دينونة الله وانتقامه . ان ويلات الجنس الساقط اذ ضغطت على روحه اغتصبت من بين شفتيه تلك الصرخة المرة. لقد رأى آثار الخطيئة في الشقاء الذي حل بالبشرية والدموع والدماء . جاشت في قلبه عواطف اشفاق عظيم عل ى المحزونين والمتألمين في العالم وتاق الى تخفيف آلام الجميع . ولكن حتى يده لم يمكنها ان تصد تيار ويلات البشرية، اذ قليلون من الناس هم الذين طلبوا العون من مخلصهم الوحيد . لقد كان على استعداد لان يسلِّم للموت نفسه ليجعل الخلاص في متناول ايديهم، لكنّ قليلين هم الذين أتوا اليه لتكون لهم حياة . GC 26.2